يوماً بعد يوم تكتشف ​القوى الأمنية​ كما المديرية العامة للنفط أن البعض من اللبنانيين، وإن أراد، يمكنه أن "يبدع" في مجال مخالفة القوانين والغش والإحتيال، كل ذلك بهدف ​تحقيق​ أرباح غير مشروعة. فبعد توقيف المديرية العامة للجمارك الأسبوع الماضي سيارة من نوع نيسانavanzaإستبدل صاحبها مقاعدها بخزانات صنّعها بشكل مطابق للمقاعد الأصلية، ونجّدها بالإسفنج والقماش كي لا يكشف أمره بهدف إستعمالها في تهريب ​المحروقات​، ضبطت دوريات ​أمن الدولة​ برفقة مراقبي ​مصلحة حماية المستهلك​ في ​وزارة الإقتصاد​ أكثر من مخالفة وفي أكثر من منطقة عمد أصحابها الى تخزين مادتي المازوت و​البنزين​ وبكميات كبيرة جداً بطريقة محترفة جداً ومن الصعب جداً كشفها، واليكم التفاصيل.

فبحسب المعلومات التي حصلت عليها "​النشرة​"، تم ضبط هذه المخالفات في القرى والأرياف لا في المدن، حيث الضغط على محطات المحروقات أخف بكثير مما هو عليه في المناطق الساحلية وتحديداً في ​بيروت​ و​جبل لبنان​. وبحسب مصادر متابعة للقضية، "لم يكن من السهل أبداً إرتكاب هذه المخالفات لولا تواطؤ بعض ​أصحاب المحطات​ مع المخالفين". فبحسب المرسوم الذي ينظم إنشاء محطات المحروقات، يُسمح لصاحب المحطة بتخزين ما لا يزيد عن 125 ألف ليتر في خزانات محطته وذلك إنسجاماً مع الشروط العالمية للسلامة العامة، ولأن في بعض القرى والأرياف لا يحتاج أصحاب المحطات الى تخزين كامل هذه الكمية، إستغلّ البعض من تجار المحروقات هذا الأمر وإتفق مع البعض من أصحاب المحطات على تأجيرهم ما هو غير مستعمل من خزّاناتهم مقابل بدل مادي مقطوع يدفعه التاجر لصاحب المحطّة. "وبهذا الإتّفاق"، يقول مصدر متابع للتحقيقات، "يكون التاجر قد أصاب أكثر من عصفور بحجر واحد، ويكون صاحب المحطة قد حقق أرباحاً مادية ضخمة ومن دون ان يتكبّد أي مصاريف تذكر"، ويتابع المصدر المذكور، "بالنسبة الى التاجر، يمكنه بنتيجة هذا الإتفاق أن يخزّن كمّية ضخمة من المحروقات (بين 20 و50 ألف ليتر) التي إشتراها على السعر المدعوم أي عندما كان سعر صفيحة البنزين يتراوح بين 25 ألف و45 ألف ليرة، والمازوت بين 8 و28 ألف ليرة، ومن ثم يقوم ببيعها على السعر ​الجديد​ مع ما يمكن أن يحققه من أرباح طائلة على حساب المودعين التي يدعم ​مصرف لبنان​ المحروقات من أموالهم المحجوزة. أضف الى ذلك، يكون التاجر مطمئناً للمكان الذي يخزن فيه محروقاته، كيف لا وخزانات المحطات تراعي شروط ​السلامة العامة​ كونها تحت الأرض ومجهزة بأجهزة إطفاء ​الحرائق​، هذا من دون أن ننسى أن التاجر، وبهذه الطريقة، يشعر بأمان لناحية ضبطه من قبل القوى الأمنية إذ ان ما من دليل إلا إعتراف صاحب المحطة يمكن أن يورطه بتهمة تخزين المحروقات وإحتكارها، وهذا ما حصل فعلياً عندما واجهت القوى الأمنية البعض من أصحاب المحطات بأرقام الكمّيات التي إستلموها من الشركات المستوردة والمنشآت النفطية والموزّعين، وكيف تبيّن انّ الكميات الموجودة لديهم تفوق تلك التي تم تفريغها من قبل الشركات والموزعين في خزّاناتهم.

فعلاً إنهم لمشهد سوريالي في الغش والإحتيال على القوانين. مشهد سوريالي نعم لأن التاجر الذي يخزّن المحروقات المدعومة ويهرّبها أو يبيعها في الداخل اللبناني بأسعار السوق السوداء، يحقّق أرباحاً على حساب شقيقه المودع أو والده المودع أو شقيقته أو زوجته ولما لا على حسابه الخاص لأنّ دعم المحروقات لا يفرّق بين ​حساب مصرفي​ وآخر!.