اكدت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان المساعي الحميدة التي بذلتها حركة "أمل" بتعليمات مباشرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وبمتابعة حثيثة من مسؤول الملف الفلسطيني محمد الجباوي، أثمرت ايجابا بانعقاد "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في ​لبنان​ للمرّة الاولى بعد طول انقطاع، والتي جرى تشكيلها برعاية بري في ​عين التينة​ في أيلول 2018، على قاعدة اعتبار الساحة الفلسطينية في لبنان استثنائية وتستدعي تناسي للخلافات بعيدا عن الانقسام الفلسطيني وتداعياته السلبية.

ونجاح إلتئام "الهيئة"، يكتسب أهمّية خاصة كونه يأتي في خضم الخلافات المستفحلة بين حركتي "فتح" و"حماس" والتراشق الاعلامي والاتهامات المتبادلة بين الطرفين، وبعد قرار "فتح" وفصائل "​منظمة التحرير الفلسطينية​" بمقاطعة زيارة رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" ​إسماعيل هنية​ اثناء زيارته بيروت، بدءًا من الاستقبال الرسمي في ​مطار بيروت الدولي​، وصولا الى الاجتماعات الثنائية والجماعية مع القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، وقبلها تأجيل اجتماع القاهرة الذي كان من المقرر ان يجمع الفصائل الفلسطينية برعاية مصرية، للتوافق على خارطة لمواجهة التحديات وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعد العدوان الاسرائيلي على غزة وقبلها تأجيل الانتخابات التشريعية.

ووفق معلومات "النشرة"، فان عددا من مسؤولي فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" لم يشاركوا في الاجتماع لاسباب مختلفة وقد تفاوتت بين مقاطعة واسباب مرضية او ارتباط بمواعيد ونشاطات مسبقة، ولكنها تلاقت جميعها في الاعتراض ورفض اسلوب الدعوة (رسالة تبليغ للحضور دون مناقشة مسبقة)، سيما وان الفصائل نفسها كانت قد عقدت قبل ثلاثة ايام من موعد التئام "الهيئة"، اجتماعا في سفارة دولة فلسطين في بيروت برئاسة أمين سرها اللواء فتحي ابو العردات، واتفق خلاله بالاجماع على ابقاء الهيئة على حالها، مقابل تفعيل اطر المنظمة ونشاطاتها.

وأوضح مسؤول فلسطيني لم يشارك في اجتماع الهيئة لـ"النشرة"،وقد فضّل عدم ذكر إسمه منعا للاحراج، الاسباب قائلا "لقد اعترضنا على الاسلوب لجهة تبليغنا بعد حسم الموعد، علما انه خلال اجتماعنا كفصائل منظمة التحرير الفلسطينية الاخير ناقشنا الموضوع واتفقنا بالاجماع على عدم الموافقة على تفعيلها، فما الذي جري بين أمس واليوم حتى تبدل الموقف،سيما وان فصائل المنظمة تضامنت مع حركة "فتح" على مقاطعة زيارة هنية والاجتماعات التي عقدت، وكان من المنطقي الدعوة الى اجتماع طارئ للفصائل مجددا ووضعنا في المستجدات وليس التبليغ بطريقة الجلب".

واعتبر المسؤول في الوقت نفسه،ان التجربة مع "تحالف القوى الفلسطينية"، لم تكن ناجحة وثمة تناقضا واضحا بين المواقف في الاجتماعات وهي ممتازة وبين التطبيق على الارض وهي سيئة، وبالتالي الرهان على العمل المشترك سيكون رهانا فاشلا لان التجربة دلت على ذلك"، قائلا "رغم حرصنا الشديد على العمل الفلسطيني المشترك، الا اننا نجد هذا التوقيت غير مناسب سياسيا في ظل استمرار الهجوم على الشرعية الفلسطينية والرئيس "ابو مازن" ومحاولة تكريس مرجعية فلسطينية جديدة بديلة".

في المقابل، أبلغت مصادر فلسطينية "النشرة"، بأن حركة "فتح" كانت محرجة في رفض الاستجابة لدعوة الجباوي وحركة "أمل" من جهة، في وقت لعب فيه ممثل "​حركة الجهاد الاسلامي​" في لبنان احسان عطايا، الذي تسلم امانة سر "التحالف" دورا بارزا في الدفع باتجاه انعقاده وتذليل بعض العقبات من جهة أخرى، على قاعدة ان تداعيات الازمة اللبنانية تفرض تنسيقا فلسطينيا بحده الأدنى لتمرير المرحلة الصعبة دون الانجرار الى أي اصطفاف والحفاظ على الحياد الايجابي، ناهيك عن ضرورة التصدي للتراجع الحاد في خدمات الاونروا" بعد شبه تخليها عن دورها في رعاية أبناء المخيمات في ظل الفقر المدقع والضائقة المعيشية وبدء موجة جديدة من تفشّي فيروس "كورونا" بنسختها المتحورة "الهندية".

ومن داخل الاجتماع، علمت "النشرة"، ان احد المشاركين طرح تساؤلات عن اسباب عدم التئام الهيئة منذ فترة طويلة وما اذا كان جرى تحديدها بهدف اعلانها ومعالجتها أم ان الامر موقّت وفق حسابات كل طرف، قبل ان يجرى التركيز على نقطتين، الاولى ضرورة الالتزام بقرارات "الهيئة" وربطها بالتطبيق على ارض الواقع، وحضور المسؤول الاول عن كل فصيل دون اي بديل عنه، ووقف حملات للتشهير، والثانية تصعيد التحركات ضد وكالة "الاونروا" واجبارها على تحمل مسؤوليتها وتشكيل وفد للقاء المسؤولين فيها من أجل حثهم على تأمين المساعدات الطارئة الدائمة لكي يتمكن ابناء المخيمات من مواجهة حالة الفقر والبؤس والحرمان التي عمتها وباتت تنذر بانفجاراجتماعي كبير.

وفي البيان الرسمي، أكدت "الهيئة" على تمسكها بوكالة "الاونروا" والحفاظ على مؤسساتها والعاملين فيها، وفي الوقت نفسه عدم مجاراتها فيما يتعلق بمسؤولياتها الإغاثية والصحية والتربوية والتشغيلية، تجاه الفلسطينيين، داعية الإدارة للقيام بواجباتها تجاههم واعتماد خطة طوارئ إغاثية شاملة مستدامة لهم، لمساعدتهم على تجاوز الازمة المالية الكبيرة التي تخنق لبنان والشعب اللبناني، والتي جعلت أيضاً ​المخيمات الفلسطينية​ ترزح تحت وطأة الفقر المدقع الذي وصل إلى أدنى مستوياته.

ودعت الهيئة ​الدولة اللبنانية​ لشمول اللاجئين الفلسطينيين في خطتها الإغاثية بالتعاون مع الدول المانحة والاونروا"، مؤكدة بأنها ستتابع باهتمام كبير قضية مادة ​المازوت​ للمولدات التي توزع اشتراكات الكهرباء في المخيمات والتجمعات الفلسطينية مع المرجعيات السياسية والجهات اللبنانية المختصة في كافة المناطق .