إذا أردنا مقارنة "علامات" الثقة بمعايير الإمتحانات المدرسيّة، يمكننا القول أن الحكومة نالت علامة "ممتاز" خلال الجلسة النّيابية التي عُقدت نهار الإثنين الماضي في الأونيسكو رغم كل التحدّيات المتعلّقة بالنور والمازوت، ولكن على أي أساس منح النواب "الحكومة" هذه العلامة العالية؟.

أنهى رئيس ​المجلس النيابي​ ​نبيه بري​ ​جلسة الثقة​ بأقل الأضرار الممكنة، إذ خلت النقاشات من صدامات لا يمكن حصر تأثيرها، فكانت المناوشات مضبوطة تحت سقف "استمرار الجلسة وإعطاء الثقة"، الأمر الذي كان مرتباً قبل الدخول الى قصر الأونيسكو.

تُشير مصادر نيابية مطّلعة إلى أن التوافق على إعطاء الثقة بنسبة عالية حصل قبل تشكيل الحكومة، وهو أمر ترعاه اتفاقات دولية سهلت تشكيل الحكومة، ومن المفترض لرئيس الحكومة ​نجيب ميقاتي​ ان يستفيد من هذه المرحلة لتحقيق بعض التقدم، خاصة بما يتعلق بالتفاوض مع ​صندوق النقد الدولي​، مشدّدة على أنّ الإتفاق الذي سبق تشكيل الحكومة طغى على كل المناقشات إذ غاب ​البيان الوزاري​ عن خطابات أغلب النواب الذين استغلوا المناسبة لإطلاق البيان الإنتخابي الاول لهم ولأحزابهم.

20 نائباً تناوبوا على الكلام من على منبر المجلس النيابي، فكانت خطابات أغلبهم تدلّ على عدم دراية بما ورد في البيان الوزاري للحكومة، وكأنهم لم يطّلعوا عليه قبل الجلسة، وكان الكلام الشعبوي طاغياً، فالجميع يعلم أن ​الإنتخابات النيابية​ على الأبواب، وتُشير المصادر النيابية إلى أن النواب يعلمون بأن عمر الحكومة الحالية 8 أشهر فقط، وبالتالي التركيز يجب أن ينصب على شؤون أخرى أهم بالنسبة إليهم هي الإنتخابات.

لن تستطيع الحكومة الحالية صرف المال الإنتخابي على النواب ومناطقهم وأحزابهم، لذلك هي لا تعنيهم، كذلك فإنها قد تكون من المرّات النادرة التي ستتعرّض فيها لهجوم من قبل أحزاب مشاركة فيها، إذ ترى المصادر أنّ صفة "التكنوقراط" ستتيح للأحزاب التنصّل من القرارات الحكوميّة غير الشعبيّة، واستثمار القرارات الشعبيّة.

ركّز النواب خلال الجلسة على تسجيل النقاط السياسية، وحاول نواب القوّات اللبنانية افتعال بعض السجالات التي تفيدهم في الشارع الحزبي، بينما كان يُفترض أن ينصبّ التركيز من قبل كل النواب على كيفية مساعدة الحكومة للخروج من الأزمة الراهنة، وكيفية تحويل المجلس النيابي الى خلية نحل تواكب عمل مجلس الوزراء، ولكن بحسب المصادر النّيابية فإنّ القوى السياسية لم تتغير ولن تتغير، فهي أثبتت أنها وبعز الازمات الإقتصادية-المالية التي يمر بها لبنان، والتي تسبّبت بإفقار أكثر من نصف الشعب اللبناني، يبقى الهم الأساسي لديها "الكسب السياسي" ولو على أنقاض الوطن.

قد تستفيد الحكومة من الغطاء الدولي الذي أتاح ولادتها، ولكن مما لا شكّ فيه أن الحكومة ستواجه ملفّات حساسة ستتعاطى معها الاحزاب المشاركة فيها بشكل مباشر كالتعيينات على سبيل المثال، وهنا لن يكون للمصلحة العامّة أيّ اعتبار، فهذه الأحزاب دخلت "الزمن الإنتخابي"، ولن يُخرجها منه شيئاً، وستفعل كل ما يمكن للوصول الى هذه الإنتخابات "بصحة جيدة".