توقع تقرير صدر مؤخرا عن غولدمان ساكس"ان المستثمرين في السندات اللبنانية قد يفقدون 75 في المئة من قيمة استثماراتهم فيها فيما اذا سوّت الحكومة الجديدة خسائر النظام المالي وبدأت بتنفيذ اصلاحات ذات صدقية وفتحت الباب امام الحصول على تمويل من صندوق النقد الدولي". فهل هذا التوقع حتمي؟اليس هناك من سبيل لتغييره او التخفيف من حجم الخسارة خصوصا بعدما تلمّس الناس في كلام رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بعد نيل حكومته الثقة،نيّة صادقة للاصلاح والخروج من الازمة، وتأكيده على ان المدخل سيكون عبر مفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي، حيث أعربعن حرصه على حقوق صغار المودعين مما انعكس ارتياحا عند اصحاب الودائع التي لا تتخطى 70 الف دولار، لكن ماذا عن كبار المودعين؟!.

رأى مرجع اقتصادي بارز انه نعم للأسف هذا التقرير ممكن ان يحصل،موضحا حتى ولو كان رئيس الوزراء والوزراء كأفراد لديهم النّية الصادقة للإنجاز والخروج من الازمة بأقل أضرار ممكنة، لكن هناك معطيات اساسية غير متوافرة لنجاح مهمتهم وتغيير هذا الواقع الذي اشار اليه التقرير."فأي نموذج إقتصادي سيتبع المرجو، يجب أن يسبقه إصلاح مصرفي وان يكون جزءا من نظرة اقتصادية متوسطة المدى.

ويشرح المرجع الاقتصادي ان من استمع الى المقابلة التلفزيونية الاخيرة لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي سمع افكارا ومشاريع لا ارتباط بينها،ولم نقرأوجود اتفاقعلى نظرة واحدة جامعة لمقاربة الازمة المالية والنقدية ومسألة الديون، حتى ضمن الحكومة معروف ان هناك فريقان بوجهتي نظر مختلفتين، وهناك فريق اقرب الى وجهة نظر الصندوق، ويؤكد المرجع ان مسألة تقييم الخسائر وتوزيعها هو قرار سياسي ليس فقط حسابي، بالطبع الخسائر موجودة وحقيقية،فكيف ستدفع الحكومة ومن أية موارد؟ هناك اسئلة عديدة في هذا الاطار، وذهب المرجع الى ان هذه الحكومة وُجدت لتمرير مرحلة انتقاليّة ولـ"شراء الوقت" اذا صح التعبير، فلا نتوقع منها ان تضع حلولا اقتصادية وحتى مع الانتخابات النّيابية، فالتغيير الجذري في البلد لمّا يزل بعيد المنالبرأينا.هذه الحكومة باختصار تحضّر لمرحلة رئيس الجمهورية القادم وهذا هو الخيار العميق!.

من جهته، الاقتصادي روي بدارو أشار الى محاكاة أعدها سابقا،اذ لفت الى نقطة توازن بسعر الصرف لتوزيع الخسائر، فوضع سبعة الى ثمانية آلاف كنقطة توازن لإحصاء وتوزيع الخسائر، ووجد ان الخطة الأساس (خطة لازار)هي الأقرب الى الحقيقة، ووافق بدارو على ان الحكومة لن تتمكن من دفع اكثر من 25 الى 30%،أي أن خسائر سندات اليوروبوند ستصل الى 75%، ولفت الى ان طريقة تغطية الخسائر تؤثر(من سيدفع ومن اية موارد)،فهناك فجوة كيف ستتم تغطيتها؟ وتحدّث عن خسارة على حاملي سندات الدولة قد تصل الى اكثر من 50%، ولفت بدارو في حديث لـ"النشرة" ان لا حلّ للعملية بدون نمو!مشددا على ان المفتاح الاساس والمصداقيّة لأيّ خطة ان يكون هذا النمو يفوق 5% كحد أدنى، لأن المقاربة هي بين نسبة تطوره ونسبة تطور الدين العام. وهنا نتحدث طبعا بعد تحرير سعر الصرف،أي ان يخضع للسوق الحر وهذا الامر يتطلب دولة وسياسة ماليّة، وأنا استبعد ان نصل الى حلّ ونخرج من المأزق في ظلّ الشروط السياسية الحالية ومع هذه المنظومة ذاتها.

أمّا بالعودة الى تقرير غولدمان ساكس فتقوم توقّعاته لتسوية الديون على افتراضات، من بينها تحسين قيمة العملة اللبنانية لتصل الى 8000 ليرة مقابل الدولار على المدى المتوسّط من نحو 16 الفا و400 ليرة للدولار في السوق الموازية حاليا، بالاضافة الى اسعار فائدة سلبيّة أو منخفضة على الدين العام،ومعدلات معينة للنمو الاقتصادي وتعديل رصيد الماليّة العامّة،فالتقرير "وفي ضوء هذه الافتراضات والقيود نصل الى خفض تقديري في القيمة الاسميّة للسندات الحالية يبلغ 75% مقدرا الالتزامات بالعملة الاجنبيّة في القطاع المصرفي 70 مليار دولار مقابل 13 مليار دولار احتياطات قابلة للاستخدام لدى المصرف المركزي.