قبل ساعات من إنتهاء المهلة الزمنية المحددة لتسجيل المغتربين بالخارج، من أجل المشاركة في ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة، هناك العديد من المؤشرات التي تستحق التوقف عندها، أبرزها أن عدد المسجلين للمشاركة تضاعف عن الدورة الماضية في العام 2018، حيث تخطى العدد يوم أمس 200 ألف مسجل.

في العام 2018 لم يصوت أكثر من نصف المسجلين في العملية الإنتخابية، الأمر الذي قد يتكرر في العام المقبل، نظراً إلى أن إرتفاع عدد المسجلين قد يكون مرتبطاً بالرهان على وجود البديل، لا سيما أن البلاد كانت، في الفترة الفاصلة، قد شهدت إنتفاضة شعبية كبيرة، بالإضافة إلى إنهيار مالي وإقتصادي غير مسبوق، لكن عند توفر البديل قد يعيد تكرار ظاهرة عدم الإقتراع.

في هذا السياق، لدى بعض القوى السياسية قلق من العملية برمتها، سبق أن عبرت عنه بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال الحديث عن قدرة "التيار الوطني الحر"، دون سواها، على الوصول إلى الداتا، بالرغم من نفي ​وزارة الخارجية والمغتربين​ هذا الأمر. وهذا القلق يعود بالدرجة الأولى، بحسب ما تكشف مصادر متابعة لـ"النشرة"، إلى أن ليس هناك من يملك الأرقام بشكل تفصيلي، سواء بالنسبة إلى التسجيل في كل دولة أو كل طائفة أو كل دائرة.

في المعلومات المتداولة، تحتل ساحل العاج صدارة الدول التي شهدت أعلى رقم للمسجلين في القارة الأفريقية، بينما تحتل فرنسا الصدارة في أوروبا، في حين تحتل كندا الصدارة في أميركا الشمالية والبرازيل في أميركا الجنوبية، ودولة الإمارات في آسيا. أما على المستوى الطائفي، فإن المسيحيين يشكلون أكثرية تصل إلى حدود 60% من أصل المسجلين، بينما يسجل غياب الحضور الشيعي في بعض الدول، خصوصاً ​الدول العربية​ و​الولايات المتحدة​، بسبب القلق من أن يكون لذلك تداعيات على أوضاعهم في الاماكن التي يتواجدون فيها.

من وجهة نظر المصادر نفسها، النتيجة التي سيكون عليها السجال الدستوري حول تصويت المغتربين، أي لمقاعد مخصصة لهم أو بحسب الدائرة التي ينتمي لها كل منهم في لبنان، من الممكن أن يؤثر أيضاً على نسبة المشاركة، بالرغم من الإختلاف في وجهات النظر حول هذا الموضوع، بين من يعتبر أن إعتماد المقاعد المخصصة سيقود إلى خفضها، ومن يؤكد أن العكس هو الصحيح.

في حديث لـ"النشرة"، يتبنى الباحث في الدولية للمعلومات ​محمد شمس الدين​ وجهة نظر الأولى، حيث يرى أن حماسة المغتربين في التسجيل تعني الرغبة في أن يكون صوتهم مؤثراً، ما يعني أن يتمكنوا من الاقتراع على أساس الدائرة التي ينتمون لها، ويشير إلى أن التأثير من الممكن أن يكون من خلال ذلك، نظراً إلى أن التصويت لصالح 6 مقاعد، ستكون مقسّمة بشكل نسبي، يعني أنه لن يكون لهم أي تأثير في المعادلة.

إنطلاقاً من ذلك، يعتبر شمس الدين أن تحليل تضاعف أعداد المسجلين وتأثيره (من نحو 83 ألف كان يحق لهم التصويت في العام 2018 إلى أكثر من 200 ألف اليوم) يتطلب إنتظار بعض الوقت، لحسم 3 مسائل أساسية: الأولى هي الأمور اللوجستية (الطقس أو بعد مركز الإقتراع)، أما الثانية فهي توفر المستندات المطلوبة للإقتراع، بينما الثالثة فهي كيفية التصويت (6 مقاعد أو حسب الدائرة)، لأنها عوامل توثر على نسبة المشاركة بغض النظر عن التسجيل.

ويرى شمس الدين أنه بحال بقيت الأمور على حالها على المستوى ​قانون الإنتخاب​، فإن الأرقام حكماً سيكون لها تأثير في الإنتخابات المقبلة، لكن التفاصيل يجب أن تنتظر كيفية توزيعهم على الدوائر، ويلفت إلى أنه في الإنتخابات الماضية اقترع نحو 47 ألف (الغالبية كانت في دائرة بشري-البترون-زغرتا-الكورة)، ولم يكن لهم التأثير الكبير.

في المحصلة، يؤكد شمس الدين أن الأحزاب والتيارات السياسية كانت حاضرة في عملية تشجيع المغتربين على التسجيل، أيّ أن الحديث عن أن الغالبية ستذهب إلى ​المجتمع المدني​ قد لا يكون دقيقاً، مع العلم أن حماسة تلك الأحزاب لمتابعة هذا الملف سترتفع، في حال كانت التصويت حسب الدائرة، أما في الحالة الثانية فهي قد تتراجع، بسبب محدودية التأثير.