مرة جديدة تُثبت وزارة الصحة بُعدها عن الواقع، فالقرارات التي أوصت لجنة الكورونا اتخاذها بسبب الخوف من "كورونا" تعني أن الوزارة قررت جعل اللقاح إلزامياً ولو أدّى ذلك الى حرمان اللبنانيين من وظائفهم.
أعلن وزير الصحة العامة فراس الابيض، عقب إجتماع لجنة متابعة التدابير والاجراءات الوقائية لفيروس كورونا، أنه "اعتباراً من 10 كانون الثاني 2022، يفرض على العاملين والأجراء في كل من القطاعات التالية: القطاع الصحي، التربوي، السياحي، النقل العام، الموظفون والعاملون في القطاع العام والبلديات واتحاداتها، القطاع العسكري والأجهزة الأمنية أن يكونوا من الملقحين بجرعتين من اللقاحات المعتمدة، أو أن يخضعوا، على نفقتهم الخاصة، للفحص المخبري لفيروس كورونا (PCR) مرتين في الأسبوع، في أيّ من المختبرات المعتمدة لدى وزارة الصحة العامة، تحت طائلة منعهم من مزاولة عملهم مع ما قد يترتب على ذلك من نتائج.
هذا القرار الاول الذي اتخذته اللجنة في بلد يُعاني من أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وغياب لأجهزة الدولة المتحلّلة عن الوقوف الى جانب المواطنين، سيزيد هم اللبنانيين هماً، في وقت عاد عداد كورونا ليصدر يومياً، إلى جانب التبشير باقتراب "أوميكرون" وهو بحسب منظمة الصحة العالمية متحور جديد شديد الخطورة.
لا تريد وزارة الصحة إقفال البلد ولا منع التجمعات ولا منع التجوّل، وهذا قرار حسن لطالما كنا من المطالبين به لأن قرارات الإقفال التي أثبتت فشلها طيلة الأشهر الماضية لا تؤدّي سوى الى ضرب الوضع الاقتصادي لمناطق ومحلات معيّنة، ولكن الوزارة لم تتّخذ القرار لاجل هؤلاء بل لمنع التجول عن الذين لم يتلقوا اللقاح، لدفعهم الى التطعيم. وتريد وزارة الصحة من قراراتها هذه جعل غير الملقحّين يشعرون بصعوبة العيش بحريّة، فلا التنقّل متاح لهم ليلاً، ولا البقاء بوظائفهم حتى.
لكن هذا ليس كل شيء، فما تقوم به الوزارة اليوم قد يشكل مقدمة لإلغاء او تأجيل الإنتخابات النيابية أيضاً، فمن يضمن عدم ارتفاع أعداد الوفيات في بيانات وزارة الصحة للقول أن الانتخابات والتجمعات الانتخابية ستشكل خطراً على الصحة، وبالتالي من الافضل تأجيلها في هذه الظروف، وهل ستقوم وزارة الصحة بتحمل هذا المطلب في حين ترفض كل القوى السياسية تحمل تبعاته، علماً ان قرارا كهذا بحال اتخذ قد يلقى دعماً من منظمة الصحة العالمية.
اعتبارا من 17 كانون الأول 2021 ولغاية 9 كانون الثاني 2022 ضمنا، ومن الساعة السابعة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا، تُفرض القيود على حركة التجول على الأراضي اللبنانية كافة، ويُستثنى من ذلك الأشخاص الملقحين بجرعة واحدة على الأقل من اللقاحات المعتمدة لفيروس كورونا أو لحامل نتيجة سلبية للفحص المخبري لفيروس كورونا (PCR) لا تتعدى مهلتها 48 ساعة من صدورها ومن هم دون سن الثانية عشرة من العمر.
هكذا قررت وزارة الصحة العامة زيادة نسبة التلقيح في لبنان بالتزامن مع حصولها على لقاحات كهبات دولية، فهل تشتد الازمة وتتداخل مع السياسة؟.