منذ 17 تشرين الأوّل 2019، ومع بدء ارتفاع سعر صرف ​الدولار​ مقابل ​الليرة​ وارتفاع أسعار السلع والمحروقات وغيرها، كانت "البطاقة المصرفيّة" هي الوسيلة الأسهل للدفع في ظلّ عدم القدرة على السحب إلا بمبالغ محدودة من ​المصارف​ لا تتعدى بضعة ملايين. منذ أكثر من عامين والمصارف تطبّق نظاماً قاسياً على المواطنين فقامت بحجز أموالهم بالدولارات، واليوم تقوم باحتجاز جزء من رواتب الموظفين تحت ذريعة الدفع عبر "البطاقة المصرفيّة".

على محطّات الوقود وفي السوبرماركات و​الصيدليات​ كانت Credit Cart هي المنقذ من نفاد السيولة النقديّة، خصوصا وأنّ المواطن يحتاج الى أكثر من ثلاثة ملايين ليرة ليشتري بعض السلع من ​السوبرماركت​ وكان يتّكل على هذا النظام للدفع لأنّ سقف السحوبات في المصارف لا يتعدّى 4 ملايين ليرة... فجاءت "الضربة القاضية" له من أصحاب السوبرماركات وغيرهم، ليقولوا له إما أن تدفع نقداً أو لا يمكنك شراء حاجياتك... فماذا يعني هذا الإجراء وكيف يُمكن أن يؤثر على سعر صرف الدولار؟.

"لبنان و​الاقتصاد اللبناني​ في حالة إنكماش وكلّ ذلك ناتج عن توقّف معظم المؤسّسات الاستهلاكيّة مثل السوبرماركات و​محطات الوقود​ وغيرها عن نظام الدفع بالبطاقة المصرفيّة". هذا ما يؤكده الخبير الاقتصادي أنيس أبو ذبيان، مشددا على أن "الهدف من التخفيف من الدفع بالبطاقة المصرفيّة هو تقليص الطلب على السلع الاستهلاكيّة وضبط التضخّم". هذا ما يلفت اليه أيضاً الخبير الاقتصادي لويس حبيقة، مشددا على أن "​المصرف المركزي​ وعبر اجراءاته يسعى الى نقل لبنان الى مجتمع نقدي يتعامل بـ"الكاش" فقط لا غير"، مضيفا: "البطاقة المصرفيّة أًصبحت ورطة ومن يسمح بإستعمالها يأخذ عمولة، إذا وبالمختصر عدنا الى أن نكون مجتمعاً بدائياً بالشراء وهذه الاجراءات كلّها تعيد الامور الى ما كانت عليه قبل سنوات".

"فعليًّا ان إرتفاع سعر صرف الدولار في الأسبوع الماضي ناتج عن ارتفاع اسعار النفط عالميًّا ومنصة صيرفة لم تكن تعمل بشكل دائم، فازداد الطلب". هنا يشدد ذبيان على أن "عدم القدرة على تلبية الحاجات على الدولار أدى الى ارتفاعه"، مضيفا: "الهدف من الدفع عبر البطاقة المصرفيّة كان عدم استعمال "الكاش"، ومع توقّف الدفع بها سيؤدّي حتما الى زيادة الطلب على العملة الوطنيّة الورقيّة نقدًا، وربما الى ارتفاع سعر صرف الدولار". في حين أن لويس حبيقة يعتبر أن "الهدف ممّا يحصل بموضوع البطاقة المصرفيّة هو تخفيف السلّة الاستهلاكيّة، وربما عبر هذا الاجراء ستخفض السوبرماركت أسعارها نتيجة عدم القدرة على شراء السلع بالكمّيات التي كانت سابقاً".

في المحصّلة، يهدف المصرف المركزي من كلّ الاجراءات التي يقوم بها الى تخفيف التضّخم وشراء السلع الاستهلاكية، لكنه في نفس الوقت يقتل المواطن اللبناني، فبعد احتجاز ودائع الناس تلجأ المصارف الى احتجاز الرواتب بالعملة الوطنية، فماذا يفعل رب العائلة الذي يحتاج الى اطعام عائلته والمصرف لا يعطيه المال وراتبه محجوز في بطاقة لم تعد نافعة للإستعمال، واذا أراد فعلا استعمالها لسحب الليرة فما عليه الاّ أن يدفع بين 3.5 الى 7.5 بالمئة على ماله الخاص حيث أصبح المصرف شريكًا للموظف براتبه، فهل هذا مقبولا؟!.