على الرغم من كل الضغوط التي تمارس على تيار "المستقبل"، لا سيما الحملة التي تولت وسائل إعلام مقربة من ​المملكة العربية السعودية​ شنها على رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​، إلا أن نتائج ​إنتخابات المغتربين​، يومي الجمعة والأحد الماضيين، أكدت بما لا يقبل الشك أن حالة الإنكفاء في الأوساط السنية عن الإقتراع هي العنوان الأبرز.

في هذا السياق، كان الرهان الأساسي على رسالة تأتي من إنتخابات المغتربين، للتأكيد على أن الحريري لم يعد يملك الصوت المؤثر في هذه الساحة، على قاعدة أن الرياض رفعت الغطاء عنه وتدعم قوى وشخصيات أخرى، لكن المفاجأة كانت بأن نسبة الإقتراع في أبرز دولتين، السعوديّة والإمارات، لم ترتقِ إلى المستوى المطلوب سنياً، حيث الحديث عن أن غالبيّة المشاركين كانوا في الدوائر المسيحية.

في هذا الإطار، تلفت مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن التعبير الأوفى عن الحالة التي تمر بها القوى والشخصيات المعارضة لـ"المستقبل" في هذه الساحة، لناحية رفض قرار المقاطعة، كان فقدان رئيس لائحة "بيروت تواجه" الوزير السابق خالد قبّاني أعصابه خلال لقائه مجموعة من المواطنين، الأمر الذي فسّر على أساس أنّه يعود إلى عجزه عن إقناعهم بالتصويت لصالح اللائحة التي يرأسها، خصوصاً أن التّيار يشن هجوماً كبيراً عليها.

وفي حين تشير هذه المصادر إلى أنّ ما تتعرض له كان أمراً متوقعاً، لا سيما أن "المستقبل" يعتبر أن أيّ نسبة إقتراع مرتفعة تعني إنتقاصاً من زعامة الحريري، الذي يسعى للتأكيد على أنه لا يزال الزعيم الأكبر من خلال المقاطعة، تشير إلى أن المستغرب هو أن يصل قبّاني إلى هذه الحالة قبل أيّام قليلة من فتح صناديق الإقتراع، الأمر الذي قد يكون له نتائج عكسيّة على وضع لائحته الإنتخابي.

بالتزامن، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ هذا الواقع ينطبق أيضاً على لوائح أخرى كانت تراهن على أن تنجح في إقناع جمهور "المستقبل" بالتصويت لصالحها، أبرزها لائحة "هيدي بيروت" التي يترأسها رئيس نادي "الأنصار" ​نبيل بدر​، على قاعدة أنها مدعومة من قبل بعض الشخصيّات المحسوبة على التّيار، الأمر الذي تشير بعض المعلومات إلى أنّه غير صحيح، نظراً إلى أنّ التوجه الحقيقي هو المقاطعة فقط.

في الجهة المقابلة، يبدو أن هناك من لايزال يراهن على قدرة السعوديّة على دفع رئيس الحكومة السابق إلى تبديل موقفه في الأيّام المقبلة، بحسب ما تكشف مصادر مطّلعة عبر "النشرة"، بالرغم من نفي مسؤولين في "المستقبل" هذا الأمر، حيث يطغى الحديث عن مساعٍ تبذلها أكثر من جهة لإقناعه بأنّ الهدف الذي يريده من هذا الاستحقاق تحقّق، وبالتالي هو اليوم أمام فرصة قد تكون مقدّمة نحو تصحيح علاقاته مع الرياض.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ وجهة نظر هؤلاء تقوم على أساس أنّ الحريري أثبت القدرة على عدم تجاوزه سنيًا، الأمر الذي ينبغي التوقّف عنده من قبل مختلف الساعين إلى ذلك طوال الفترة الماضية، لكن استمراره في موقفه الحالي قد يفسّر تصعيداً بوجه الرّياض، ما قد يكون له تداعيات عكسيّة على علاقاته معها في الفترة المقبلة، وتشدّد على أنّ رئيس الحكومة السابق من المفترض ألاّ يكون في وارد قطع شعرة معاوية مع المملكة.

في المحصّلة، تؤكّد المصادر نفسها أنّ الرهان على تحوّل في موقف الحريري جدّي وحقيقي، لكنها تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول قدرته، في الفترة القليلة المتبقّية عن موعد الإستحقاق، في إقناع الناخبين، في حال قرّر ذلك، بالمشاركة في الإنتخابات، لا سيّما أنّ بعضهم قد يعتبر أنه أجبر على ذلك، وبالتالي قد يفضّل الإستمرار في خيار المقاطعة.