هكذا انتهى نهار الأستحقاق الكبير الذي انتظره الجميع وتحضروا له قبل أشهر. السؤال الأبرز اليوم ماذا ينتظر ​لبنان​ على الصعيدين الإقتصادي والمالي؟ هل تصح التوقعات وما حُكي عن أننا مقبلون على ايام أقسى من كل ما سبق وأنّ ​الدولار​ في السوق السوداء سيتخطّى 50 الف ليرة وأكثر؟ هل ستتوقف ​منصة صيرفة​ وسيوقف ​مصرف لبنان​ العمل بالتعميم 161 الذي هدّأ السوق لفترة غير قصيرة؟ وهل صحيح أن أول 100 الف دولار باتت موجودة في ​المصارف​ كما صرح رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومن أين؟ ومتى ستعود ودائع الناس، هل استبعدت نهائيا فكرة الصندوق السيادي؟ ماذا عن الملفات المطلوبة من ​صندوق النقد​؟ ما هو مصير الموازنة وقانون ​الكابيتال كونترول​ وتعليق السريّة المصرفيّة وإعادة هيكلة المصارف؟ أسئلة كثيرة تُطرح حيال التعديلات على ​خطة التعافي​ الإقتصادي والتدقيق الجنائي هل سيتوسع ويشمل كل ادارات الدولة هل سنصل الى حقائق حول الاموال المهربة؟.

في لبنان نعرف ان السياسة تحدّد مسار الأمور وكل شيء مرهون بالتطورات، ماذا عن تشكيل الحكومة بسرعة لاتّخاذ القرارات الإصلاحية ومن سيحكم حسب الانتخابات النيابية وهل هي قادرة على اجتراح الحلول لتبدد كل المخاوف التي رافقت الفترة السابقة، أم تصح الشائعات ونبلغ وضعا أسوأ وترحّل كل المشاكل الى ما بعد الإنتخابات الرئاسية كما تقول بعض المصادر عن السيناريو الأسوأ.

مصدر إقتصادي مطلع أوضح لـ"النشرة" أن لا شيء في المؤشرات القائمة يعطي أيّ انطباع ايجابي بأن المرحلة ستكون سهلة أو فيها لشيء من التفاؤل، الصورة لا تزال غامضة وسوداويّة لا سيّما مع وجود فرصٍ كانت متاحة امام حكومة ميقاتي والبرلمان الراحل للقيام ببعض الخطوات التي تخفّف من حدّة انفجار الأزمة، لكن لا شيء من هذا القبيل حصل.

اليوم ومع استحقاقات قادمة تم تأجيلها للفترة الفاصلة عن الانتخابات بسبب انشغال المسؤولين والتلهّي بالعمليّة الانتخابيّة بعيدا عن الشؤون المعيشية والرئيسيّة الّتي تسهم بتخفيف الأعباء والخسائر عن البلد لتمرير الاستحقاق بأقل أضرار ممكنة وبظروف نسبيا مقبولة، رأينا تدخلاّت من المصرف المركزي لتهدئة سوق القطع وعدم السماح بحصول قفزات كبيرة للدولار، من هنا تمّ تمديد التعميم 161 بمعالجة تخديرية وليست جذريّة حتى الاتفاق المبدئي الذي سيحصل مع صندوق النقد الدولي، الّذي لا يعمل مع حكومات او مجالس نيابية راحلة، لذلك كان التوقيع بمثابة جرعة للقول انه يدعم لبنان، وعلينا إنتظار حكومة ما بعد المجلس النيابي الجديد اذا تشكّلت.

ولفتت المصادر أن الكثير من ضخ كلام حول عودة الدولار للإرتفاع يأتي على خلفيّة معرفة تركيز العملة الخضراء لفترات هي مفتعلة، وتكلّف "المركزي" تدخلا يوميّا بالسوق لأن السعر الحالي غير طبيعي ولا يعكس حقيقة الوضع النقدي، لكن في ظلّ الغياب الكامل للثّقة بالسلطة والحكومة فإنّ الاستثمارات غائبة، ولا تدفّقات كافية لخلق حالة استقرار أوبعض الانتعاش، وعوضا عن النمو لدينا الانكماش السلبي بنسبة 25%، لذلك كل المؤشرات تشي بأن لا سقف للدولار لأن سعره عائد للعامل النفسي أكثر مما هو أقتصادي ومبني على حركة العرض والطلب. فنرى ان مصرف لبنان يتدخل بـ 90 مليون دولار احيانا. ويتابع المصدر أنه بالنسبة للتعميم 161 لا يعلم "ان كنا سنشهد تمديدا له وللمرة الاخيرة لفترة قصيرة اذا تشكّلت الحكومة مع مجلس النواب الجديد حيث يفترض أن يرى النور مشروع قانون الكابيتال كونترول.

وتشير المصادر انه اذا لم تتشكل حكومة ودخلنا في الفراغ الذي نتخوّف منه بالمرحلة المقبلة قد يستمر المركزي بالسياسات التي يتّبعها بما فيها التعميم 161 والتعميم 158 وبمنصة صيرفة، حيث يفترض ان تتابع عملها لأن توحيد سعر الصرف يجب ان يكون عبرها كمنصة للتداول لضبط السوق. لكن السؤال، هل ستنجح وهل سيتمكن المركزي من توحيد السعر كما هو مطلوب من الصندوق، لان حالة التخبط والعشوائية بالتعاطي لا تُحلّ بما كان يحصل من تذبذب بسعر العملة الوطنيّة الّتي يتصارع السياسيّون عبرها ويدفع المواطن الثمن بانهيارها أكثر فأكثر.

وتخلص المصادر الى أن الافق لا يزال ضبابيا، ولن تتبلور الصورة الا مع السرعة في تشكيل الحكومة، حيث كل تأخير سيعطّل البلد ويشلّه.