(مهداة الى ​فراس حمدان​)

هي قِصَّةٌ مِن ​لبنان​. بَل قِصَّةُ لبنان في حَياة شابٍ. مِن مَنهَ لِإرادَةٍ صَوغُها. وَمِن أجلِها تَخفُقُ السَكينَةُ نَبَضاتِ حَقٍّوإستِبسالٍ في الدِفاعِ عَنهُ.

أبالدَمِّ تُكتَبُ؟ قَل: أكثَر بَعدُ، بِمَسيرَةٍ مِنَ القَلبِ الى... التَضميرِ، حَيثُ لا سَكينَةَ لأنَّ الضَميرَ وَعيٌ، والوَعيُ مَتى إستَفاقَ مُشتَعِلاً في وِجدانٍ وأبعاد، يَغدو فِعلاً لا شَيئيَّةَ مادَّة.

أبالشَجاعَةِ تُعرَفُ؟ قُل: بَعدُ أكثَر: بِمَسيرَةٍ تَتَخَطَّى الشَجاعَةَ في لَحظَتِها الى سِرِّ إنتِظامٍ، صِنوهُ الحقُّ يَرسُمُ مَدارَهُ، جاعِلاً النهايَةَ بِدايَةُ ثَباتٍ عَكس إرتِهاناتِ السائِدِ، وَتسوياتِ الأضاليلِ.

ابالمثاليَّةِ تُقرأ؟ قُل: بَعدُ بَعدُ أكثَر: بِمَسيرَةٍ مِن ماضٍ بادىءٍ الى حاضِرٍ وَسيطٍ، فَمُستَقبَل غاية، في مَرمى نورانيٍّ وَسطَ مَجاهِلَ مُبرَمَةٍ في الظُلمَةِ.

وَحدُهُ المَوتُ تَحدِّيها الأكبَر، وَقَد غَلَبَتهُ تِلكَ القِصَّةُ، فَما أرداها، وإن أصابَ القَلبَ بأسلِحَةٍ مُحَرَّمَةٍ، وَغَدرٍ ما راوَدَهُ إلَّا الحِقدُ المُتساوي بالغَباءِ. أتُرى يَعرِفُ هذا المَوتُ أنَّ في جَذرِ الحِقدِ كَلِمَة الحَقِّ، والفَيصَلُ بَينَهما حَرفٌ؟ حَرفٌ واحِدٌ! بِقَدرِ صِغَرِهِ المُتناهي أصاب ذاكَ القَلبَ، قاصِداً مَقتَلاً سَريعاً مِن طَلقَةٍ. طَلقَةٍ واحِدَةِ تَتَبَعثَرُ شَظايا نِهايةٍ، مِن دونِ نَدَمٍ... وَمَا تَمَكَّنَ مِن دَحرِ ذاكَ القَلبَ، ولا تَلَذَّذَ في إسكاتِهِ. لِماذا؟ لأنَّهُ القَلبُ!.

لَيسَ الجَوابُ في الإنكارِ، بالتِنِكُّرِ وَرَاءَ المَجهولِ، بَل في الحقِّ الحقِّ، وَهوَ لِلقَلبِ مَنبَعُ الصِدقِ، والحبُّ والرُكونُ... لإنتِفاضَةِ التَضميرِ.

قُلنا، هي قِصَّةُ لبنان في حَياةِ شابٍ؟.

لِنُضِف أنَّ رَكيزَتَهما مَعاً أغوارٌ مِن دَفقٍ أصيلٍ. هو دَفقٌ يَعلَمُ في قُرارَةِ ذاتِهِ، أنَّ الصِراعَ بَينَ الخَيرِ والشَرِّ سَيَبقى قائِماً، وَمَن خرَّبَ عَيشاً واحِداً بِبَثِّ أحقادٍ ناقِلاً إيَّاها مِن جيلٍ الى جيلٍ، وَمِن مِنبَرٍ الى مِنبَر، وَمِن أرضٍ ضاقَت بِها الى أرضٍ أستَحكَمَت بِها، سَيَبقى يَنقُلُ ما رَسَخَ مِن ضَغائِنَ في نُفوسٍ مِن قلبٍ الى قلبٍ، وَمِن وعوداتٍ الى وعوداتٍ، وَمِن دُنيَويَّاتٍ الى اخرَويَّاتٍ، عَلَّالضَغائِنَ تُلهِبُ الهُنا وَما فَوقَ، وَفي الإعتِقادِ انَّ مَن يُسيَطِرُ عَلى الهُنا يُسيَطِرُ ايضاً على الما فَوقَ.

لَكنَّ قِصَّةَ لبنان وَقِصَّة ذَلِكَ الشابِ، وقد صارَتا واحِدَةً لا إنفِصامَ بَينَهُما بَل أقصى التَماهي، تَبقى أكيدةً أن ماذا يَنفَعُ الحاقِدَ إن رَبِحَأعتاباً لِظُلُماتٍ وَما إفتَتَحَ الرَحابَةَ لِتَضميرِ القَلبِ، وأنَّ مُعضِلَةَ الحاقِدينَ، مَهما تَلاقوا، تَبقى الحٌرِّيَةَ. همُ ما أدرَكوها، وَهي لا تَتَجزأ. إمّا تَكونُ قُبولَ القَلبِ في تَضميرِهِ أو لا تَكونُ، مَهما ضايَقَتها ضَغائِنُ الحاقِدينَ، في حَقارَةِ وغبائِهِم وَدَنَسِ غَيِّيهم، مُدَّعينَ زوراً التَصَرُّف بإسمِها، وَقَد تلَّطوا خَلفَ مَكامِنَ إعتَقَدوها قُوَّة تُحصنِّهُم فإذا بِجُدرانِها تَسجُنَهُم.

رِمايَةُ الخَيرِ

أهيَ قَصَّةُ لبنان الشاب أبداً، في رِمايَتِهِ الخَيرَ المُدرِكَ لِلحَقِّ، جواباً على فِسادِ الشَرِّ ومُعطياتِ إعتِباراتِهِ، وَهي سَتَبقى نَوائبَ طارِئةٍ، سالِبَةٍ، رَصاصَتُهُا المُحَرَّمَة لا تَزالُ شَظاياها في قلِبِهِ الخافِقِ أبداً للحياةِ، باقياً ابَداً مُجاذبَةُ الأصلِ الراسِخِ؟.

أجَل! هي تِلكَ قِصَّةُ لبنان، الشاب، وَهي حَقيقَة.

أجَل هي تِلكَ قصَّةُ شابٍّ، مِن لبنان، وَهي حَقيقَة.

الأحَدُ هو الآخَرُ، والآخَرُ هو الأحَدُ.خاصِيَّةٌ واحِدَة ستَتَكاثَرُ في واقِعيَّةِ العُرفانِ. فَذاكَ الشابُّ صارَ نائباً، وَلَهُ أن يَستَكمِلَ ولبنان كتابَةَ تَتِمَّةِ القِصَّةِ في شَجاعَةِ الغايَةِ وَمَع مَكارِمَ الفاضِلين.

*اللوحة المائيّة المرافقة للنص هي للفنان ميشال روحانا "مياه الربيع" في ​دير القمر​.