حتى الساعة، لا يزال الكثير من أبناء الأشرفية والرميل والمدور يحاولون تحليل نتائج الإنتخابات في دائرة بيروت الأولى، من أجل فهم حقيقة ما حصل في اليوم الإنتخابي، خصوصاً بعد أن تبين وجود مجموعة من الصفقات التي عقدت بين بعض اللوائح، بالإضافة إلى صرف أكثر من 25 مليون دولار في هذه الدائرة وحدها.

في هذا السياق، يمكن الحديث عن مجموعة من النقاط التي باتت شبه مؤكدة، أبرزها يتعلق بحزب "القوات اللبنانية"، الذي لم تنجح اللائحة المدعوم من قبله، بالرغم من كل الضجة الاعلامية التي قام بها، بالوصول إلى الهدف الأساسي، أي الفوز بـ3 نواب في هذه الدائرة، لا بل خسرت مقعد الأقليات، بفارق 200 صوت، مقابل لائحة بولا يعقوبيان. وقد حصل غسان حاصباني على 7000 صوت تفضيلي، عدداً كبيراً منها ليس "قواتياً" بل أورثودكسياً بدعم مباشر من المطران الياس عوده وبجهد مباشر من إيلي حاصباني (شقيق غسان حاصباني). بينما حصل المرشح جهاد بقرادوني على أكثر من 500 صوت سني، لا سيما من عشائر العرب في المسلخ، ليصل إلى 2100 صوت ساهمت بحصول اللائحة على الحاصل الثاني.

على صعيد متصل، يتم التداول على نطاق واسع بأن المرشح عن مقعد الأقليات إيلي شربشي لم ينجح بالفوز نتيجة ضعف التنسيق مع منسق "القوات" في بيروت، بينما حصل ممثل حزب "الهانشاق" آرام ماليان على 1000 صوت، النتيجة التي تعتبر مقبولة في ظل إنخفاض نسبة المشاركة الأرمنية. أما بالنسبة للمرشح المستقل عن المقعد الماروني جورج شهوان، فقد حصل على 1700 صوت بجهوده الشخصية وجهود عائلته وأصدقائه ولم يحصل على أي صوت من "القوات"، بل بالعكس من ذلك هناك علامات إستفهام ترسم حول دعم رئيس الحزب سمير جعجع المرشح عن المقعد نفسه لكن ضمن لائحة أخرى نديم الجميل بشكل واضح خلال حديث تلفزيوني عشية الإنتخابات.

أما بالنسبة للائحة المدعومة من المصرفي أنطون صحناوي (تحالف جان طالوزيان وحزب الكتائب) فهناك معلومات متعددة عن تجيير أصوات لصالح الجميل على حساب المرشح الأساسي جان طالوزيان، الذي نال 4800 صوت، نتيجة إتصالات عالية المستوى تدخلت فيها جهة إقليمية فاعلة على الساحة اللبنانية، خوفاً من إحتمال خسارة المقعد لصالح المرشح زياد أبي شاكر أو المرشح جورج شهوان. بينما كان لافتاً حصول المرشحة أسما أندراوس على 900 صوت، قسم كبير منها بجهودها الشخصية. أما المرشح أنطوان سرياني، المدعوم من الوزير السابق ميشال فرعون، فلم يحصل على عدد كبير من الأصوات (500) بالرغم من دعم أحد الشخصيات المحسوبة على تيار "المستقبل" له.

فيما يتعلق بـ"التيار الوطني الحر"، قد يكون خرج من المعركة أكبر الرابحين، نظراً إلى أن الجميع كان يتوقع أن تنخفض شعبيته وعدد ناخبيه إلى أكثر من النصف، في حين أن النائب نقولا صحناوي حافظ على أصواته، لا بل إرتفعت، من دون أن يذهب إلى خيار دفع الأموال أو شراء الأصوات، حيث هناك من يعتبر أن الأمر يعود إلى عملية شد عصب ساهم بها ما حصل يوم إنتخابات المغتربين، حين شاهد العونيون ما تعرض له أحدهم في السفارة اللبنانية في باريس.

أما المرشح الياس أسود، الذي دعمته بشكل نسبي ماكينة الراحل مسعود الأشقر، فلم يحصل على أكثر من 300 صوت، حيث تبين أن أصوات الأشقر صبت في إتجاهات مختلفة، لا سيما لصالح النائب نديم الجميل، نظراً إلى المكانة الشخصية التي لديه في أوساط أبناء الدائرة (نجل رئيس الجمهورية الراحل بشير الجميل). بينما سجل تراجعاً واضحاً في أصوات حزب "الطاشناق"، حيث تدنى عدد الأصوات التي حصل عليها من 6500 إلى 4800، بينما فشل رهان قيادة الحزب على أصوات المغتربين، الأمر الذي قاد إلى خسارة الحزب مقعداً نيابياً لصالح المرشح جهاد بقرادوني.

بالنسبة إلى لائحة النائب بولا يعقوبيان، فقد حصلت على أقل عدد من الأصوات مقارنة مع اللوائح الأساسية الأخرى، وقد تقسامت الأصوات مع المرشح زياد أبي شاكر بسبب الحملة التي تعرضت لها شخصياً، وحافظت يعقوبيان على مقعدها إضافة إلى مقعد الأقليات لسنتيا زرازير، التي رشحها زياد عبس، مع العلم أن هذا المقعد كان سبباً للخلاف مع بقية لوائح المجتمع المدني.