لا شكّ أن قصّة تذبذب الدولار صعودا ونزولا في لبنان دخلت في بازار "البورصة" ولم يعد لها سقف أو حدود، الأسبوع الماضي وصل ​سعر الصرف​ مقابل الليرة، إلى 38 ألف، في أكبر إرتفاع له منذ بداية الأزمة، الأمر الذي دفع ​مصرف لبنان​ إلى اصدار بيان أعلن فيه أنه سيتدخل في السوق ومع ​المصارف​ لعدّة أيام، ما أدّى إلى تقهقر الدولار بشكل دراماتيكي حوالي 9000 ليرة في يوم واحد!.

في الأسواق الماليّة يعتبر العرض والطلب هو الأساس، وهناك code للمصارف لدى مصرف لبنان، ومنها يُعرف من هو المشتري ومن هو البائع، وكلّ التحويلات تحصل على سعر واحد.

ما يحصل في لبنان هو أن المنصّات الفالتة والبعيدة عن الرقابة هي التي تتحكّم ب​سعر الدولار​، وهنا لا يوجد منطق أو شفافيّة، وارتفاع العملة الخضراء جزء منه سياسي والجزء الآخر هو تلاعب، وهو فعلياً يرتفع وينخفض على المنصّات ولكن في الأسواق المالية لا يمكن أن يحصل ما يجري بهذا الشكل.

ولأن الارتفاع كان جنونياً وفاق جميع التوقّعات تدخّل المصرف المركزي ببيان بناء على التعميم 161، لفت فيه الى أن من يحمل العملة اللبنانية بامكانه تحويلها الى دولار، على أن تفتح المصارف أبوابها لغاية الساعة السادسة وذلك حتى يوم الأربعاء الأول من حزيران.

في هذا السياق يشرح الخبير الاقتصادي ​جاسم عجاقة​ أن "التعميم 161 ساري المفعول حتى أواخر تموز ولكن ما فعله مصرف لبنان أنّه تدخل بقوّة في السوق حتى يمتصّ الليرة"، لافتاً إلى أنه "في مرحلة التدخّل القويّة التي يقوم بها لا يضع كوتا للمصارف على صيرفة، ما يعني أن المركزي سيضخ الدولار عبر البنوك دون سقف محدّد".

"يمكن لأيّ مواطن يمتلك حساباً موطّناً في مصرف أو يملك أموالاً بالليرة ويريد أن يحصل على الدولار أن يستفيد خلال الأيّام التي حدّدها مصرف لبنان". هذا ما يؤكّده عجاقة، معتبراً أنّ "الهدف من هذا الاجراء هو التدخّل للجم الأسعار منعاً من تفلّت الوضع بشكل كبير". بدوره الخبير الاقتصادي ​لويس حبيقة​ يرى أن "المشكلة الأساس أخلاقيّة وسيّاسية، ومصرف لبنان يريد عبر تدخله أن يخفض الدولار بالسوق السوداء ليصبح بمستوى صيرفة، وهذا يتوقف على ما يمتلكه بالعملة الصعبة"، متسائلاً "من أين سيحضر المركزي الدولار؟ إذا كان يعتمد على الاحتياطي فهذه كارثة، أما إذا كان من SDR وهي أموال وُضعت لتستفيد منها الدول لأمور حيّاتية فهذه كارثة أيضاً"، مؤكداً أن "ما يهدف اليه مصرف لبنان هو دفع الاجور أولاً وتخفيض الاسعار، وايصال سعر الدولار في السوق السوداء إلى ذلك المعتمد في صيرفة".

طبعا الإجراء الذي إتخذه مصرف لبنان، عبر التدخل بقوّة لعدة أيام لتخفيض الدولار، لن يحلّ المشكلة... والأهمّ أن يتنبّه اللبناني إلى ضرورة عدم بيع ما لديه من العملة الخضراء الذي يملكها مخافة إنخفاضه لأن الاستقرار النقدي مرحلي حسب الخبراء، وهو ما يحصل قبل نهاية كل شهر مع بدء عمليّات دفع الرواتب والأجور!.