ذكرت "الاخبار" بان رئيس مجلس النواب نبيه بري يلتزِم تسمية رئيس حكومة تصريف الاعمال ​نجيب ميقاتي​ لرئاسة الحكومة، وكان يُراهِن على رئيس الحزب التقدمي ​وليد جنبلاط​ الذي أثار تردّده المستجدّ علامات استفهام، ربطاً بتحرك السفير السعودي في بيروت وليد البخاري. وقد أبلغ جنبلاط بري أنه سيكون محرجاً مع حلفائه السياسيين وحتى مع المجتمع المدني في حال قرروا السير بغير ميقاتي، وأنه يفضل توافقاً على طريقة تشكيل الحكومة. وفي حال اقتنعت القوات اللبنانية بالمشاركة فربما يعود الطرفان إلى دعم تسمية ميقاتي بعد الاتفاق على توزيع مختلف للحقائب وللحصص الوزارية.

إلا أن معلومات تؤكد أن كتلة "اللقاء الديموقراطي" حسمت في اجتماع أول من أمس عدم تسمية ميقاتي من دون أن تختار بديلاً عنه، وأن الحزب الاشتراكي، بحسب مصادره، "لم يقرر بعد المشاركة في الحكومة". أما بالنسبة إلى "القوات" فلا تزال ترفض تسمية ميقاتي، ولم تحسم أمر المشاركة بعد، وسيُعقد اجتماع غداً مع الحزب الاشتراكي للوصول إلى اتفاق، علماً أن المصادر تشير إلى أن جنبلاط يفضل تسمية مرشح مشترك بدلاً من عدم التسمية فيما لا تزال معراب تدرس الأمر.

ولفتت الى ان فريق 8 آذار يرصُد التنسيق بين المختارة ومعراب بحذر، ولا يفصله عن ال​سياسة​ السعودية في لبنان. إذ لا شيء يفسّر تراجع جنبلاط عن تسمية ميقاتي إلا ضغط سعودي، بعدما كان بعث برسائل تشير إلى عدم ممانعته في ذلك. وثمة فكرة، تتداول على نطاق ضيق، عن إمكانية اختيار مرشح واحد لفريق 8 آذار في حال كان هناك قرار بتسمية مرشح مواجهة من الفريق الآخر.

موقف الكتل

وإذا كان بعض الكتل النيابية قد حسمت خياراتها مسبقاً من استشارات الخميس، وحدّدت مرشّحها مثل "كتلة التنمية والتحرير" و"الوفاء للمقاومة" و"المردة" و"الاحباش"، إلى جانب عدد كبير من النواب المستقلين، لصالح التصويت لميقاتي في هذه الاستشارات، لفتت "الجمهورية" الى انه بات محسوماً موقف كتلة "حزب الكتائب" التي لن تسمّ احداً، والامر نفسه ينسحب على "نواب التغيير" الذين حسموا خياراتهم مسبقاً بعدم تسمية الرئيس ميقاتي لرئاسة الحكومة. وما استرعى الانتباه إزاء هؤلاء النواب، انّهم سيشاركون في الاستشارات الملزمة بشكل منفرد، وليس عبر كتلة تغييريّة واحدة. ما يعني ان لا اتفاق في ما بينهم على اسم معيّن لرئاسة الحكومة.

وإذا كانت "القوات اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" قد دخلا قبل ايام في نقاش حول توحيد الموقف حيال الملف الحكومي، فإنّ مصادر سياسية تستبعد تكامل موقف الطرفين في الاستحقاق الحكومي، ذلك انّ لكل منهما اعتباراته وغاياته وأهدافه السياسية.

وما هو مؤكّد للمصادر، هو انّ "القوات" التي لم تسمّ ميقاتي في الاستشارات السابقة، قد لا تبادر الى تسميته في استشارات الخميس، كما قد لا تبادر الى تسمية أي شخصية لن تكون قادرة على تأليف حكومة.

الّا انّ المصادر نفسها تتحدّث عمّا تصفه احتمالاً ضعيفاً، انما هو احتمال قائم، بأن ينحى موقف "القوات" في اتجاه آخر، وخصوصاً انّ اصواتاً قواتية بدأت ترتفع في الآونة الأخيرة، رفضاً للشروط التي يحاول باسيل طرحها على خط التكليف، وآخرها ما قاله أمس عضو "كتلة الجمهورية القوية" النائب زياد حواط وحرفيته: "لا قرار لدى "القوات" او "الاشتراكي" في ملف رئيس الحكومة، لكننا تفاهمنا على خريطة طريق ومواصفات الرئيس العتيد للحكومة، والتي قد تنطبق على ميقاتي في حال لم يخضع لشروط رئيس التيار الوطني الحر".

اما في ما خصّ موقف "الحزب التقدمي الاشتراكي"، فقد استمهل الى مطلع الاسبوع المقبل لكي يحدّد الموقف النهائي من استشارات الخميس. علماً انّ المشاورات التي اجراها وفد "اللقاء الديموقراطي" في الايام الاخيرة، وعلى ما تقول مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية"، لم تعكس ميلاً الى الصدام السياسي مع أي طرف، وخصوصاً مع ميقاتي.

مشاورات

وعلمت "الشرق الأوسط" أن النواب المنتمين إلى القوى التغييرية يواصلون اجتماعاتهم لبلورة من يرشّحونه لتولّي رئاسة الحكومة، شرط التزامه بالبرنامج السياسي والاقتصادي الذي أنجزوه ويتعاملون مع مضامينه على أنه الممر الإلزامي لإنقاذ البلد.

ويتردّد في هذا المجال أن النواب توقفوا ملياً أمام عدد من الأسماء، ومن بينهم سارة اليافي حفيدة رئيس الحكومة الأسبق عبد الله اليافي وسفير لبنان السابق لدى الأمم المتحدة العضو في المحكمة الدولية في لاهاي نواف سلام، الذي يتواصل معه عدد من النواب المنتمين إلى القوى التغييرية.

وفي هذا السياق، استغرب المصدر النيابي نفسه ما كان تردّد بأن سلام اتخذ قراره بالخروج من السباق إلى رئاسة الحكومة، وقال لـ"الشرق الأوسط" إن اسمه مطروح بقوة ليس من جانبنا فحسب، وإنما من قبل قوى أخرى وعدد من النواب المستقلين، وهذا ما يؤكده مصدر في الحزب "التقدمي الاشتراكي" بقوله إن اسمه وبحسب علمنا لم يُسحب من التداول ونحن في الحزب لم نتبلغ بما أشيع مؤخراً بأنه نأى بنفسه عن الترشُّح في حال أن الظروف السياسية مواتية ليخوض معركة إنقاذ البلد بالتعاون مع مَن هم على استعداد لخوضها.

وأكد أن من هم خارج المنظومة الحاكمة يقومون باستمزاج الآراء حول استعدادهم لترشيح سلام لرئاسة الحكومة، لأنهم على تقاطع مع مواقفه، ويجدون أن هناك مساحة سياسية مشتركة تجمعهم به.

بري

أما على صعيد محور الموالاة، فإن الثنائي الشيعي وعلى رأسه رئيس المجلس النيابي نبيه بري يميل لدعم ترشيح ميقاتي لرئاسة الحكومة، وهذا ما خرج به وفد "اللقاء الديمقراطي" المؤلف من النائبين أكرم شهيّب ووائل أبو فاعور، اللذين التقياه أول من أمس في إطار التواصل القائم بين "التقدمي" ورئيس البرلمان الذي يُنقل عنه قوله إنه ليس هناك من خيار سوى تبنّي ترشيح ميقاتي بعد قرار رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بتعليقه العمل السياسي وعزوفه عن خوض الانتخابات، وأيضاً في ضوء عدم رغبة رئيس الحكومة الأسبق تمام سلام بالترشّح إفساحاً للمجال أمام رغبة الشباب بالتغيير.

ويحذّر بري، كما يُنقل عنه، من معاداة الطائفة السنية وحشرها في الزاوية بلجوء البعض إلى تسويق مرشح يشكل تحدّياً لهم ويتيح لهذا الفريق أو ذاك الإمساك بالقرار السياسي.

ويُنقل عن بري قوله أيضاً إن الخيارات تكاد تكون معدومة، وإن "عزوف ميقاتي عن خوض الانتخابات لا يعني أنه لا يمثل حالة سياسية وشعبية في الشارع السني، ويبقى الأوفر حظاً لتولي رئاسة الحكومة...".

ويُفهم من موقف بري الذي يتناقله عنه زوّاره أنه لا يتناغم مع الرئيس عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، لأن خياراته السياسية لا تلتقي وخياراتهما، وهذا ما سيظهر من خلال الاستشارات النيابية التي تضع قوى المعارضة أكانت تقليدية أو تغييرية أمام اختبار جدي حول إمكانية تحالفها لخوض الاستحقاق الحكومي الذي لا يزال يتأرجح بين أقلية متماسكة يغيب عنها "التيار الوطني الحر" وأكثريات متناثرة تواجه صعوبة في الاتفاق على جدول أعمال لتمرير مرحلة ما بعد إجراء الانتخابات، إلا إذا حصلت مفاجأة ليست بالحسبان.