مع إقتراب موعد الإستشارات النّيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلّف الجديد، عاد إلى الواجهة الحراك السعودي في لبنان، بعد أن كان سفير المملكة ​وليد البخاري​ سعى إلى لعب دور مؤثر في ​الإنتخابات النيابية​، دفعه للحديث عن إنتصار تحقق بعد الإنتهاء من هذا الإستحقاق، الأمر الذي فتحت معه الكثير من الأسئلة حول المرجعية السياسية السنية القادرة على الحسم في اللحظات الإستراتيجية.

في هذا الإطار، كان من الواضح أن الهدف من هذا الحراك، الذي يقوم على أساس الإجتماع مع النواب السنّة المنتخبين، السعي للتأثير على نتائج الإستشارات، بعد أن كان اسم رئيس حكومة تصريف الأعمال ​نجيب ميقاتي​ يتقدم على سواه، الأمر الذي جاء بالتزامن مع عودة رئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ إلى نشاطه، بالإضافة إلى الحديث عن فوزه بكتلة نيابية من 7 نواب، لم يظهر منهم إلا النائب عن زحلة بلال الحشيمي.

في ظلّ هذه الأجواء، عاد اسم السفير اللبناني السابق نوّاف سلام إلى الواجهة بقوّة، الشخصيّة المفضلة من الرياض والتي كان من الممكن أن تترأس لائحة إنتخابيّة في دائرة بيروت الثانية، بحسب ما تؤكد مصادر متابعة لـ"النشرة"، خصوصاً بعد أن تمّت تسميته من قبل حزب "تقدم" الذي يضمّ النائبين مارك ضو ونجاة صليبا، لكن من دون أن يتّضح ما إذا كان هناك من أكثريّة قادرة على تأمين فوزه بالإستشارات.

في السنوات الماضية، كان قد برز نادي رؤساء الحكومات السابقين، الذي ضمّ كل من ​سعد الحريري​ ونجيب ميقاتي و​تمام سلام​ وفؤاد السنيورة، الذي لعب دوراً أساسياً في حسم مسألة اسم رئيس الحكومة في أكثر من مناسبة، إلا أن هذا النادي يغيب عن الواجهة اليوم، لا بل من الممكن الحديث عن إنقسام بين أعضائه، لا سيما أن السنيورة يفضل الذهاب إلى خيار بديل عن المرشح السابق لهذا النادي أيّ ميقاتي.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا النادي كان يراد له أن يمثل المرجعية التي تغطي أي مرشّح لتولّي المنصب السنّي الأول في الجمهورية اللبنانيّة، إلا أنّ الخلافات التي نتجت عن الإنتخابات النّيابية أدت إلى إنهاء دوره، خصوصاً في ظلّ الخلافات الواضحة بين السنيورة والحريري، بعد أن قرر الأوّل مخالفة توجهات الثاني، الأمر الذي دفع قيادات في تيّار "المستقبل"، أبرزها أمينه العام أحمد الحريري، إلى توجيه إنتقادات علنية له.

من حيث المبدأ، هناك شبه قناعة عند مختلف الأفرقاء السياسيين، بأنّ أيّ رئيس حكومة يُكلّف لن يكون قادراً على التأليف، بسبب الشروط والشروط المتبادلة الموضوعة من قبلهم، وبالتالي المرجح هو بقاء حكومة تصريف الأعمال الحالية إلى ما بعد نهاية ولاية رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، سواء كان رئيسها هو المكلف أو أي شخصية أخرى.

في هذا السياق، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى "الخفّة" التي يتمّ التعامل بها مع هذا الإستحقاق، من قبل النوّاب الذين يبحثون عن أيّ إسم يخوض المنافسة مع ميقاتي، الّذي يحظى بدعم من قبل قوى الثامن من آذار، بشكل يوحي بأنّ المطلوب هو أن يُحسب على أساس أنّه يمثل هذا الفريق، مقابل مرشّح، بغض النظر عن إمكانياته وهويّته، آخر يعارضه، مع العلم أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال لم يكن يوماً ينتمي لقوى الثامن من آذار.

في المحصّلة، تؤكّد هذه المصادر أنّ هذا الواقع خلق نوعاً من "الإمتعاض" لدى مجموعة واسعة من النواب السنّة، الأمر الّذي قد يقرّبها من ميقاتي يوم الخميس المقبل، إعتراضاً على الطريقة التي يتم التعامل فيها مع موقع ​رئاسة الحكومة​، على قاعدة أنّ المطلوب شخصيّة لها وزنها السياسي ولا تعكس حالة الشرذمة التي أفرزتها نتائج الإنتخابات النّيابية، مع العلم أنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال لا يزال يحظى، بالإضافة إلى الدعم الدولي من الجانبين الفرنسي والأميركي، بتأييد سعد الحريري.