لفت وزير الإتصالات في حكومة تصريف الأعمال ​جوني القرم​، إلى أن "تقرير ​ديوان المحاسبة​ الذي كشف هدرا ماليا كبيرا في ​قطاع الإتصالات​ خلال السنوات بين 2010 و2020 يحتاج إلى متابعة للوصول إلى نتيجة"، واعتبر أنه "لا يكفي أن نصدر تقريرا حول حصول هدر بستة مليارات دولار، وكأن هذه المليارات ستعود إلى الوزارة. لن يحصل ذلك للأسف. ولكن على ​القضاء​ أن يتابع المسألة إلى النهاية. ونحن سنكون داعمين له علما بأن مديري الوزارة الحاليين ليسوا أنفسهم الذين كانوا في الفترة التي تحدث عنها التقرير".

وأشار خلال حديث لقناة "الغد الفضائية"، إلى أن "الواقع تغير كثيرا اليوم، فالمال لم يعد موجودا كما كان بوفرة كبيرة في السابق للقيام بخزعبلات". كما تطرق إلى الهدر المستمر في ​الإنترنت​ غير الشرعي، موضحاً "أننا نركز عملنا بكل جدية لوقف هذا الهدر، ونعمل على الآلية التنفيذية حيث نأمل أن ندخل للدولة اللبنانية ألف مليار ليرة لبنانية في السنة، وهو ما كان يشكل في العام 2018 ستمئة مليون دولار خسرتها الدولة"، وأردف أن "فواتير سبعمئة ألف مشترك من أصل مليون ومئتي ألف تدفع لجهات غير شرعية من دون معرفة المشتركين بذلك، وأنا مصر على إتمام الموجبات القانونية للرخص المطلوبة والتي ستضع القطار على السكة وتوقف الهدر في هذا المجال".

وردا على سؤال حول حصول تواطؤ في هذا الملف، أجاب أنه من "المؤكد قد حصل إهمال وفي بعض الأحيان ثمة لامبالاة تؤثر في شكل بالغ السلبية على القطاع العام".

وتطرق القرم إلى مسألة ​السرقات​ التي استهدفت محطات الخلوي في الفترة الأخيرة، مشدداً على "ضرورة وضع حد لها خصوصا أنها تتكرر حيث تعرضت مثلا محطة ​البترون​ لسرقة كابلاتها النحاسية 11 مرة متتالية، وقد بات معروفا أن الجهة السارقة تعمل على تذويب النحاس الكامن في الكابلات من أجل بيعه". وذكر أنه "توجه لوزير الداخلية ​بسام المولوي​ طالبا منه "العمل للكشف ليس فقط عن منفذي السرقات بل عن المصدر الذي يقف وراء هذه السرقات، فمن أين يأتي بفواتيره؟ ولمن يبيع البضاعة، وإلى أين يأخذها؟".

وردا على سؤال إذا كان ثمة أمر منظم في هذا المجال، لأن مؤسسات الدولة كافة تتعرض لسرقة كابلاتها النحاسية، اعتقد القرم أنه "على الأرجح هناك شبكة تضم عددا محدودا من الأشخاص. فمن هم هؤلاء وممن يشترون البضاعة؟ لأن ليس لهم الحق في شراء بضاعة مسروقة". ونوه بأن "وزير الصناعة جورج بوشكيان وضع ضوابط تمنع شحن النحاس، ولكن يبقى ذلك غير كاف لوضع حد نهائي للسرقات".

أما بالنسبة إلى زيادة التعرفة، فقد أبدى وزير الإتصالات ارتياحه لكونه لم يكن "شاهد زور على انهيار قطاع الإتصالات في لبنان، بل إن الرفع المدروس لتعرفة الإنترنت والهاتف الخلوي والذي بدأ تطبيقه في الأول من شهر تموز الماضي كان خطوة ضرورية لا بد منها لمنع انهيار القطاع، إذ من غير الممكن لأي شركة في لبنان أن تضمن استمراريتها بالإبقاء على الأسعار التي كانت تعتمدها قبل الإنهيار المالي".

وأكد القرم، أن "الأرقام تظهر بوضوح أن شركتي الخلوي ألفا وتاتش، كانتا قاب قوسين من الإنهيار حيث تراجعت مداخيلهما بشكل كبير جدا بسبب التغيير الذي طرأ على سعر الصرف، ما أدى إلى تراجع مساهمة الشركتين في الخزينة من ثمانمئة مليون دولار سنويا إلى سبعين مليونا". ولفت إلى أنه "لا يحق للشركتين الحصول على سلف مالية لأنهما شركتان مساهمتان تملكهما الدولة ما يعني أن ما تحققانه من مداخيل هو المورد الوحيد لهما، لذا كان لا بد من رفع التعرفة".

وأوضح أن "الأسعار الجديدة مرتبطة بسعر ​منصة صيرفة​، فإذا ارتفع سعر المنصة يزيد مدخول القطاع وإذا انخفض السعر يتقلص المدخول"، واعتبر أن "الأسعار الحالية، ونظرا لسعر الصرف، باتت بمثابة ثلث القيمة التي كانت معتمدة في العام 2018، فإذا ما تراجع سعر صرف الدولار وتراجعت منصة صيرفة ستتراجع الأسعار تلقائيا".

وذكر وزير الاتصالات، أن "التركيز سينصب في الأشهر الثلاثة المقبلة على تطوير القطاع وتحسين الخدمات التي يشكو المواطنون من تراجع نوعيتها وبطء سرعتها"، مقرا في هذا المجال بأن "قطاع الخلوي يؤمن تغطية للشبكة أدنى من المعدل العالمي، فالتغطية الحالية تبلغ نسبة 85 في المئة ، في حين أن المعايير العالمية تحتسب التغطية بنسبة 95 في المئة".

وتابع "النتائج التي ستحققها زيادة التعرفة لن تكون بكبسة زر، فالقطاع يحتاج إلى وقت لكي يعاود النهوض نظرا لوجود مستحقات قديمة للموردين يجب دفعها، وقد تم تقسيطها على 3 سنوات بمعدل أربعين مليون دولار سنويا".

وحرص وزير الإتصالات على توجيه التحية للعاملين في قطاع الإتصالات، "فرغم المشاكل الكبيرة التي تعتريه ورغم تعثر الخدمات العامة ورغم أن كلفة الوصول إلى العمل قد تفوق قيمة الراتب، لم يتوقف القطاع بل إن الإنترنت بقي مؤمنا وكذلك الهاتف الخلوي".