تطرق رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، إلى "الواقع المرير الذي يمر به لبنان حاليا لا سيما على المستوى الإعلامي، والى مسؤولية الإعلام في المقابل في تظهير الصورة الحقيقية من دون ممارسة الاغتيال السياسي لعدد من الشخصيات كما يسعى الى ذلك البعض"، وأردف أن "هذا ما دفعني قبل يومين الى القيام برد على كلام لا ارغب عادة بالرد عليه".

واعتبر خلال لقائه وفد نقابة العاملين في الاعلام المرئي والمسموع، أن "على وسائل الاعلام ان تحمل الحقيقة لان الحقيقة تربي الشعب وتقيم له البنيان الثابت"، لافتا الى اننا "نرى يوميا محاكمة النوايا بحيث انه فيما اسعى الى ​تأليف حكومة​ قبل موعد مغادرتي قصر بعبدا، يتمسكون هم باقاويلهم ومزاعمهم باني لا ارغب في تأليف حكومة". ونبه من "تأثير الرشاوى والاضاليل على الرأي العام في البلاد فيما الحقيقة غائبة كليا".

واضاف رئيس الجمهورية: "ان الفساد كان له الدور الأكبر في ما وصل اليه لبنان راهنا فيما لم يتحدث عنه احد"، وذكّر بالكلمة التي القاها خلال الافطار الذي أقامه خلال شهر رمضان في العام 2019 والتي ركز فيها على الفساد والانهيار الذي يشهده لبنان، قائلاً: "رغم ما قوبلت به الكلمة من تصفيق من قبل الحضور، فانه ومنذ ذلك الحين لم يعد احد يتحدث عن الفساد والسرقات، رغم تكرار مطالبتنا بالتدقيق الجنائي والمضي بمكافحة الفساد".

وأوضح أنه "لقد انهار اقتصادنا كما انهارت الليرة اللبنانية في ظل ما نشهده من سرقات وفي ظل واقع الإدارة السيء، فضلا عن وضع ​القضاء​ حيث تمت على سبيل المثال لا الحصر إحالة حاكم ​مصرف لبنان​ الى القضاء، فاين أصبحت الدعوى القضائية بحقه؟ هل لحقت بالتحقيق في تفجير ​مرفأ بيروت​؟ ان هذا الواقع غير مقبول ولطالما فضحت أعمالهم جميعا من دون تسميتهم، لان كلمة الحق يجب ان تبقى هي السائدة دوما".

وشدد الرئيس عون "على ان ما يبني الدولة هو العلم والتربية والفضائل الاجتماعية، مؤكدا على أهمية بقاء الانسان في ارضه لاعادة بناء الوطن".

وعن ملف ​ترسيم الحدود البحرية​ "ووجود رغبة لدى البعض في لبنان في عدم انجاز الملف الا بعد انتهاء ولايته"، اكد الرئيس عون على هذا الامر، داعيا "الى مراجعة رئيس مجلسي النواب نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في هذا المجال، كونهما يملكان المعطيات اللازمة حول كل ما يحصل في هذا الملف". وشدد على "ان من يحارب الفساد ويعمل من اجل اتخاذ اجراءات جدية حول التحقيق المالي الجنائي، لن يكون محبوباً، وبالتالي انا اشكّل مصدر اذية لمعرقلي التدقيق الجنائي، لانني اطالب باستعادة اموال مسروقة من المواطنين".

وتحدث عن الحملات التي تستهدفه، مشيراً الى انه، "ومنذ عاد الى لبنان، تقدم بالكثير من مشاريع القوانين التي فاقت الـ220 ولم يبصر منها النور سوى نحو 50 قانوناً فقط، فيما الباقي لا يزال ينتظر ومنها على سبيل المثال قانون ضمان الشيخوخة، وقانون انشاء محكمة لمحاكمة مرتكبي الجرائم المالية بحق الدولة وغيرها".

وعن ابرز ما تحقق في عهده، اعتبر الرئيس عون أن "اول ما قمت به لدى تسلمي مهامي كرئيس، كان العمل على استصدار مراسيم لتحقيق استخراج ​النفط والغاز​، وهو امر تم ايقافه منذ العام 2013، ولكن اصراري عليه ادى الى ان يبصر النور وهو يعود بالفائدة على لبنان الذي يحتاج هذه الموارد الطبيعية التي يملكها. وتمت خلال الولاية الرئاسية، عمليات تحرير الجرود اللبنانية من الارهابيين، والقضاء على الخلايا النائمة التي كانت تخطط للقيام بعمليات ارهابية، وبدأت مسيرة استتباب الامن التي لا تزال قائمة، والحملة لمكافحة المخدرات، كما تم وضع اسس الانتظام المالي بعد اقرار ​الموازنة​ لاول مرة منذ 12 عاماً وما تخلل هذه الاعوام من صرف للاموال بطريقة غير قانونية وغير شرعية. وعملنا ايضاً على تعزيز وضع السفارات اللبنانية في الخارج، واقرينا قانونا انتخابيا جديدا اعطى عدالة افضل للجميع، ناهيك عن التدقيق المالي الجنائي، وعن ملف ترسيم الحدود البحرية الذي بات في مراحل متقدمة".

ولفت رئيس الجمهورية، الى ان "الصراع كان كبيراً بينه وبين عدد من المسؤولين الى ان تم اقرار مسألة التحقيق المالي الجنائي، وكانت العراقيل كثيرة ومتنوعة والتأخير في تأمين المعلومات والوثائق على مدى اكثر من سنتين وثلاثة اشهر وتم تذليلها، ومن شأن هذا التدقيق ان يكشف الكثير من المعطيات حول السرقات التي حصلت، وهوية المسؤولين عنها".

وأردف أنه "بعدما نبه مرارا الى وجود اخطاء في ادارة النقد، ومنها مثلاً دعم الليرة ما دفع اللبنانيين الى العيش بمستوى اعلى من الدخل الوطني، معتمدين على الاقتصاد الريعي، ما انعكس سلباً على الرغبة في العمل لدى المزارعين والصناعيين وغيرهم، وهو ما ادى الى توقيف الانتاج، فازداد الدين واختل ميزان المدفوعات، في ظل غياب اي توجيه صالح للرأي العام. واوضح انه التقى على مدار السنوات التي تلت التحرك الشعبي، صناعيين وتجاراً ومصرفيين وغيرهم، ولفتهم الى اهمية تغيير ما يحصل وضرورة اجراء التعديلات اللازمة ومنها مخطط سياحي على سبيل المثال، الا انه لم يلق آذاناً صاغية".

اما عن قضية توقيف المدير العام للجمارك بدري الضاهر، فأوضح عون "انه اول من تم توقيفه، وانه قام بانجازات واصلاحات عديدة خلال الفترة التي تولى فيها مهامه"، معتبراً انه "لم يقم بأمر خاطىء، وعلى التحقيق ان يأخذ مجراه لاعطاء كل ذي حق حقه ورفع الغبن عن المظلومين، بالتوازي مع كشف المسؤولين عن تفجير المرفأ من خلال إزالة أسباب تعطيل التحقيق الذي يجريه المحقق العدلي".

وردا على سؤال حول موضوع الهبة النفطية الايرانية الى لبنان واسباب عدم البت بها، اعتبر الرئيس عون ان "المسألة لا تزال قيد البحث نظرا الى تعدد المواقف في شأنها علما ان هناك مصالح كثيرة تعرقل الوصول الى تفاهم حول الموضوع"، كاشفاً ان "استفدام الغاز والنفط من مصر والاردن عبر سوريا لا يزال غير منجز بسبب العرقلة في المعاملات المطلوبة بعد ان تم توقيع الاتفاقات". واشار الى "ان الحروب التي تحصل لم تعد تقتصر على السلاح، بل تستعمل الاقتصاد للنيل من الدول".

وردا على سؤال عن ​ملف النازحين السوريين​ وامكان عودتهم الى بلادهم، شدد الرئيس عون على "انه تعرض لحملات من قبل الكثيرين في لبنان بسبب معارضته فتح الحدود لاعداد كبيرة من النازحين في الفترة الاولى للحرب في سوريا، وتم اتهامي بالعنصرية مع انني كنت على ثقة بأن لبنان لا يمكنه تحمل الكثافة السكانية التي ستطراً جراء هذا النزوح. وبالفعل، ادى العدد الكبير من النازحين الى تردي التقديمات للبنانيين وتحسين ظروف معيشة النازحين، وكان لا بد من الإضاءة على هذا الواقع لان لبنان لم يعد قادرا على تحمل تداعيات هذا الملف".

وكشف أن "ما حصل في مؤتمر بروكسل حول قضية النازحين اثار المخاوف الجدية كونه شجع على دمجهم في المجتمعات التي تستقبلهم، على الرغم من تردي الاحوال المعيشية والاقتصادية والمالية وازدياد نسبة الجرائم بسبب النزوح الى لبنان". واضاف: "وضعنا دراسة قانونية حول ما تنص عليه القوانين المحلية والإقليمية والدولية في ما خص التعاطي مع النازحين وسنتقدم بشكاوى في المحافل الدولية للحصول على حقوقنا، خصوصاً وان سوريا راغبة في استعادة النازحين ولا تعارض هذا الامر، واستقبلت بالفعل قسماً منهم. وهذا الامر يثير الريبة حول الاهداف الدولية من تشجيع النازحين على البقاء في لبنان".

ورداً على سؤال عن التحرك في الملف الحكومي وموقف الدول الخارجية منه، اعلن الرئيس عون ان "الخارج يتحدث ايجاباً حول تشكيل الحكومة. ولا شك ان هناك عقبات لا تزال تعترض عملية التأليف، انما المسار لم يتوقف والمشاورات لا تزال قائمة"، منبها الى "السلوك المزدوج" في التعاطي مع هذا الملف. وتابع: " لطالما ناديت بان يكون اللبنانيون ابعادا لبنانية في الخارج وليس ابعادا خارجية في الداخل".