على الرغم من الوقائع المحلية، لا سيما على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، التي تدفع جميع الأفرقاء إلى الإعلان عن أهمية الإنتهاء من ​الإستحقاق الرئاسي​ في وقت قريب، لم يعد من الممكن، من الناحية العملية، الحديث عن قدرة القوى السياسية المحلية على إنجاز أي تسوية في هذا المجال، خصوصاً أن التوازنات القائمة في ​المجلس النيابي​ الحالي لا تسمح بهذا الأمر.

إنطلاقاً من ذلك، دخل الجميع في مرحلة إنتظار ما قد يأتي من الخارج من تطورات، لا سيما من خلال الجهود التي يقوم بها الجانب الفرنسي على خط ​الولايات المتحدة​ والمملكة العربية ​السعودية​، نظراً إلى أن ​باريس​ هي الوحيدة القادرة على لعب هذا الدور، بسبب قدرتها على التواصل مع مختلف اللاعبين المؤثرين في الساحة اللبنانية.

على هذا الصعيد، تشير مصادر معنية بالإستحقاق الرئاسي، عبر "النشرة"، إلى أن الجانب الفرنسي لم ينجح، حتى الساعة، في تحقيق أي تقدم يذكر، بل على العكس من ذلك يبدو أن الجميع لم يخرج من لعبة الرهانات على ما قد يحصل، في الأشهر المقبلة، من تطورات، لا سيما أن العديد من الجهات الدولية والإقليمية رفعت من مستوى رهاناتها على الأوضاع الداخلية في ​إيران​، وبالتالي باتت ترى أن ليس هناك ما يستدعي إستعجال أي تسوية قبل وضوح الصورة أكثر.

وتلفت هذه المصادر إلى أن هذه الجهات تعتبر أن أي تداعيات سلبية في الداخل الإيراني من المفترض أن تؤثر على دورها الإقليمي، الأمر الذي يحتم عليها الذهاب إلى تسويات بسقوف أدنى عما هي عليه اليوم، بينما الواقع اليوم لا يوحي بأن طهران أو القوى القريبة منها مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة، وهو ما يمكن الإستدلال عليه عبر المواصفات الرئاسية في لبنان، التي قدمها أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله في خطابه الماضي.

بالإضافة إلى ما تقدم، ترى المصادر نفسها أن هناك شبه توافق، على الرغم من الإختلافات في ملفات أخرى، بين واشنطن والرياض حول هذه المسألة، حيث تبرز العديد من المؤشرات التي تؤكد أن الجانبين لا يضعان الملف اللبناني على رأس قائمة أولوياتهما في المرحلة الحالية، وبالتالي قد يكون من الأفضل لهما الحفاظ على الوضع الراهن.

في هذا السياق، تشير المصادر المعنية بالإستحقاق الرئاسي إلى أن ما ينطبق على الولايات المتحدة والسعودية ينطبق على المحور الآخر، الذي لا يبدو أنه في طور البحث عن أي خيارات بديلة، بل على العكس من ذلك يعتبر أن عامل الوقت قد يلعب دوراً أساسياً في تعزيز فرص مرشحه الرئاسي، أي رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، لا سيما إذا ما نجحت المشاورات والإتصالات التي يقوم بها "حزب الله" مع حلفائه، خصوصاً "التيار الوطني الحر"، في هذا المجال.

بالتزامن، تلفت هذه المصادر إلى أنّ التطورات الإقليمية، لا سيما لناحية زيادة الضغوط على طهران، قد تدفع الحزب إلى التشدد على المستوى الداخلي لا الذهاب إلى تقديم تنازلات، وبالتالي تعقيد الإستحقاق الرئاسي أكثر، لا سيما بعد أن كان أمينه العام قد وضع المواصفات التي تقدم بها في الإطار الإستراتيجي، ما يعني أنه لن يكون من السهل عليه التخلي عنها، وهو ما يتم التعبير عنه عبر التسريبات التي تصب في خانة أن المرشح الوحيد هو فرنجية، وليس هناك، على الأقل حتى الآن، من خطة بديلة.

في المحصلة، تعتبر المصادر نفسها أن أهم ما ينبغي التوقف عنده هو مؤشرات أخرى تؤكد صعوبة المرحلة، أبرزها تكرار الكلام الأميركي عن أن الوضع في لبنان قد يزداد سوءاً، بالتزامن مع حرص "حزب الله" على أمرين معاً: الأول هو تكرار الدعوات إلى الحوار والتوافق، أما الثاني فهو إرسال الإشارة الإيجابية تجاه قائد الجيش العماد جوزاف عون، رغم التشديد على عدم إرتباطه بالإستحقاق الرئاسي.