أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنه "على وقع الحرب الدائرة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بّري من جهة، والتيار الوطني الحر من جهة أخرى بشأن آلية تمويل سلفة الكهرباء، نصَب ميقاتي كميناً حكومياً جديداً بحجة أن السلفة لا بدّ أن تمُرّ بجلسة لمجلس الوزراء، وهو ما يعارضه التيار بشدّة. وحتى يومِ أمس، واصلَ ميقاتي مساعيه لتأمين نصاب وزاري يسمح له بالدعوة إلى الجلسة، ولا سيما مع قيادة حزب الله التي لم تبلغه بموقفها النهائي من المشاركة أو عدمها، علماً أن حضور وزراء الحزب جلسة الخامس من كانون الأول الماضي أدى إلى ارتدادات كبيرة هزّت العلاقة بينه وبين التيار الوطني الحر".

هذا السياق، اوضحت مصادر مطلعة أن "ميقاتي يمارس ضغطاً على وزير الاقتصاد أمين سلام للحضور، وإن الأخير على الأرجح سيشارك في الجلسة، بينما نفت المصادر ما يتردد عن مشاركة وزير السياحة وليد نصار، مشيرة إلى أن ميقاتي يحاول الالتفاف على المواد الدستورية، وقد أرسل جدول الأعمال إلى الوزراء باعتباره طرحاً قابلاً للتشاور".

ولفتت الصحيفة، إلى أنه "يتألف جدول الأعمال من 8 بنود أساسية، أبرزها إقرار سلفة خزينة لاستيراد الفيول لإنتاج الكهرباء، والاتفاق مع الحكومة العراقية على مشروع تجديد العقد بين لبنان والعراق على استيراد الفيول العراقي، ومشروع قانون لترقية الضباط في الأسلاك العسكرية والأمنية، وإقرار مرسوم توقيع مشروع تعاون بين لبنان والبنك الدولي للحصول على قرض استجابة لبنان لجائحة كوفيد 19، وتعديل احتساب أسعار المتر المربع في الأملاك البحرية، وتمديد عقد صيانة وتشغيل مطمر الناعمة، واستفادة المتعاقدين في المدارس والثانويات والمعاهد من بدل نقل يومي عن ثلاثة أيام أسبوعياً، إضافة إلى إصدار مراسيم تتعلق بصرف مساعدات اجتماعية في القطاع الصحي، وقبول إنهاء خدمات موظفين في إدارات الدولة".

أبواب التوافق مغلقة

كشفت مصادر واسعة الإطلاع لـ"الجمهورية" ان محاولة غير معلنة جرت في الايام الاخيرة ورَعتها مستويات سياسية مسؤولة، لجس النبض حول مدى استعداد الجهات الداخلية لصياغة تفاهم مشترك على انتخاب رئيس للجمهورية، الا انّ هذه المحاولة باءت بالفشل. حيث اصطدمت بالتصلّب، وثبات الاطراف على شروطهم المانعة لإنجاز الانتخابات الرئاسية، ورفضهم الانخراط في اي مسعى حواري يُفضي الى توافق على انتخاب الرئيس. وبالتالي، وتبعاً لذلك، فإنّ اي حديث عن توافق داخلي صار مضيعة للوقت، وبلا اي معنى.

وفي هذا السياق، قال مرجع مسؤول لـ"الجمهورية": ابواب التوافق الداخلي مغلقة، وبمعنى أدق التوافق الداخلي الذي لا بديل عنه، ثمة من يجعله مستحيلا، ويدفع عمدا الى مزيد من الانسداد في الافق الرئاسي، ضارباً بعرض الحائط تداعيات الازمة وآثارها الكارثية على اللبنانيين، وايضا نداءات ونصائح وتحذيرات وحتى توسلات المجتمع الدولي بحسم الاستحقاق الرئاسي واختيار الرئيس الجديد للجمهورية. في رأيي انّه لا يوجد سوى تفسير واحد لهذا المنحى، حيث يخشى ان تكون في خلفية مواقف مَن يتعمّد تعطيل التوافق الداخلي، تدويل الملف الرئاسي واستجداء تدخل خارجي، اعتقاداً منهم انّ هذا التدخل سيُحدث انقلاباً لمصلحتهم في الملف الرئاسي، وإن صحّ ذلك، فهذا معناه انّ هذا البعض يُغامر بالبلد واستقراره. علماً انّ كل المستويات الخارجية من واشنطن الى باريس وسائر العواصم الصديقة للبنان، أكدت علناً وعبر القنوات السياسية والديبلوماسية بأن الملف الرئاسي اللبناني شأن يعني اللبنانيين وحدهم، وعلى اللبنانيين ان يُسارعوا الى تحمل مسؤولياتهم حياله.

حضور فرنسي

الى ذلك، كشفت مصادر موثوقة لـ"الجمهورية" معلومات تفيد بأن باريس، وفي موازاة ما يُحكى عن اجتماع ثلاثي اميركي فرنسي سعودي في العاصمة الفرنسية، قد تطلق تحرّكاً جدياً تجاه لبنان في المدى المنظور، مشيرة في هذا السياق الى حضور مباشر عبر زيارات لموفدين فرنسيين الى بيروت، قد تسبق الاجتماع الثلاثي او تليه.

واستوضحت "الجمهورية" مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية حول هذه المعلومات، فقالت: باريس تنظر بعين القلق الكبير الى تطورات الوضع في لبنان والانعكاسات الخطيرة المتولّدة عن الازمة الاقتصادية الصعبة، وعن شلل المؤسسات في لبنان والفراغ غير المحتمل في سدة رئاسة الجمهورية، وتخلّف اللبنانيين عن القيام بما يُمليه واجبهم ومسؤوليتهم في انتخاب رئيس للجمهورية، تنطلق معه الدولة اللبنانية في مسار الانقاذ والاصلاحات بحكومة مسؤولة تلتزم بكل متطلبات الانقاذ والتعافي.

إلى ذلك، ذكرت صحيفة "الديار" أنّ "الجوجلة الاخيرة للمواقف الدولية والاقليمية من الاستحقاق الرئاسي والملفات الداخلية، كشفت وحسمت وجود توجه اميركي سعودي بتشديد الحصار على لبنان وعزله وقطع المياه والهواء عنه طالما حزب الله يتحكم بالقرارات ويدير البلد على هواه ويستخدم الدولة لتامين الغطاء الشرعي لسلاحه، هذا الموقف الاميركي السعودي ابلغ للفرنسيين والقطريين ونقل الى المسؤولين اللبنانيين، وحمل رفضا قاطعا من واشنطن والرياض لمشاركة حزب الله في الحكومة وفي اي موقع رسمي وضرورة اخراجه من مؤسسات الدولة كشرط لتسهيل انتخاب رئيس الجمهورية".

ولفتت إلى أنّ "المشكلة عند الاميركيين والسعوديين ليس الفراغ الرئاسي بل وجود حزب اقوى من الدولة، فواشنطن والرياض يريدان الانهيار وتحميل حزب الله المسؤولية وتأليب اللبنانيين عليه، وهذا يفرض حجب المساعدات واستمرار الجمود والحصار وصولا الى الفتن واغراق الحزب بلعبة الدم الداخلية ولذلك فان واشنطن والرياض ملتزمان بمواقفهما الصادرة منذ سنوات لجهة نزع سلاح حزب الله واخراجه من منظومة الدولة والا حجب المساعدات كليا، هذا هو العنوان الاميركي السعودي للتعامل مع الملف اللبناني حتى ان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان واضحا خلال اللقاء القصير الذي جمعه بميقاتي بقوله لبنان ليس في اولوياتنا عليكم القيام بالاصلاحات وتدبير شؤونكم".

وحسب ما نقلت الصحيفة عن المتابعين للشأن الرئاسي، فإن "واشنطن والرياض غير متحمسين لعقد الاجتماع الرباعي في باريس مع فرنسا وقطر، وبالتالي فان الملف الرئاسي سيبقى في الثلاجة الى اجل غير مسمى، ولا يوجد بصيص امل وعداد الجلسات الرئاسية الى ارتفاع في ظل استعصاء داخلي وخلافات على حد السيف بين الافرقاء السياسيين، تجعل البلد مفتوحا على كل الاحتمالات في ظل ازمة خانقة وفوارق اجتماعية كبيرة وموت الطبقة الوسطى".

باريس مستعجلة

وأبلغ مسؤولون فرنسيون مرجعيات لبنانيّة، بحسب "الأخبار"، أنّ "بلادهم لن تسمح بإطالة أمد الفراغ الرئاسي وأنه من غير الممكن إرجاء بتّ هذا الملف إلى الصيف المقبل".