لا شكّ أن فصل ​الشتاء​ هذا العام لم يكن واعداً لناحية ​الأمطار​، التي هطلت ونحتاجها حكماً لري المزروعات والأرض. الأسبوع الماضي شعر سكان لبنان بطقس غريب نوعاً ما وكأننا لسنا في الشتاء بل فصل الربيع، حيث إرتفعت ​درجات الحرارة​ بشكل كبير، حتى إن بعض الناس بدأ بالتفكير جدياً وكأن موسم الامطار والبرد إنتهى... ولكن لا، فقد كانت هذه موجة عابرة إنتهت، وهنا يبقى السؤال ماذا عن المتساقطات؟ وماذا ينتظرنا في فصل الصيف؟.

سمير مزارع يعتاش من الأرض، يعمل ليل نهار بكل تفان في فلاحة وزراعة الأرض بإنتظار نتائج المحصول وتأمين لقمة العيش، ولكن المفاجأة كانت هذا العام بعدم هطول كميات كافية من الأمطار للريّ، وهنا وقف سمير أمام خيار من إثنين: إما بالبدء بالريّ باكراً أو الذهاب مرغماً إلى حصاد الانتاج.

"حتى هذه اللحظة كمية الأمطار التي هطلت هي أقل من العام الماضي، التي كانت في مثل هذا الوقت قد بلغت 682 ملم". هذا ما يؤكده رئيس دائرة الأرصاد الجويّة في مطار بيروت ​عبد الرحمن زواوي​ لـ"النشرة"، لافتا إلى أن "المعدّل العام لهذا العام وصل الى 550 ملم بفارق أقل من السنة الماضية بـ132 ملم، وبالتالي فإنّ الأمر ليس جيّدا لناحية المتساقطات رُغم العاصفة".

في المقابل، يشرح زواوي أن "درجات الحرارة حتى اليوم طبيعيّة جداً وكميّة الثلوج هي أيضًا جيّدة، لكن كمية الأمطار لن تصل إلى معدّل جيّد، وبشكل عام فإنّ المتعارف عليه أنه في شهري آذار ونيسان يخّف المطر بشكل كبير، ولن نستطيع أن تعويض النقص بالمعدل من 550 إلى 680 ملم، لأنّ الفارق كبير ليتم تعويضه في شهر واحد".

بدوره، يؤكد رئيس تجمع مزارعي البقاع ​ابراهيم ترشيشي​ ما قاله زواوي، لناحية النقص عن المعدل العام في تساقط الامطار، شارحاً عبر "النشرة" أنه "منذ نهاية شباط توقف المطر، بينما تحتاج المزروعات إلى المياه وهي غير موجودة".

ويأسف ترشيشي لأنه "في ظلّ الوضع القائم فإننا بحاجة للريّ، الّذي يبدأ عادة موسمه في أيار أو منتصف نيسان على أقلّ تقدير وليس من الآن، وهذا الأمر خطير جداً"، وأعطى مثالا عن القمح "إذا أردنا أن نبدأ بالريّ منذ الآن سنكون أمام مشكلة حقيقية، أقلّ ما يُقال فيه أنه مشهد مأساوي لأنه أحد خيارين وجب أن يقوم بهما المزارع الّذي سيعمد في الثاني الى اتلاف المزروعات، وللأسف فقد بدأ عدد من ​المزارعين​ جدياً إلى هذا الخيار، لأنه لم يستطع الريّ"، متمنياً أن "تعوّض الأيام القليلة الباقية من فصل الشتاء عن النقص الحاصل في هطول الأمطار وتساعد المزارع قليلاً في ريّ محصوله".

إذاً، كانت الأمطار هذا العام قليلة اذا ما قورنت بالأعوام السابقة، وهي أدنى من معدلاتها... والأهمّ ما سيحلّ في فصل الصيف؟ فهل سيضطرّ المواطنون إلى شراء الماء وقتذاك، وهل هناك من يتحمّل كلفة الشراء؟!. انّه الاهتراء الّذي أصاب الدولة بوجود مسؤولين هم عار على الشعب اللبناني الّذي كان ينتظر منهم ابتكار الحلول، لا ترك لبنان للارتطام الكبير!.