تتّجه الأنظار إلى الارتدادات المرتقبة للاتفاق السّعودي- الإيراني لاستئناف العلاقات الدّبلوماسيّة، على مستوى المنطقة بشكل عام، وما إذا ستكون لهذه الخطوة أيّ انعكاسات إيجابيّة بالنّسبة للدّاخل اللّبناني.

في هذا الإطار، أكّدت مصادر سياسيّة واسعة الاطّلاع، لصحيفة "الجمهورية"، أنّ صورة الدّاخل الّتي تبدو مقفلة بالكامل على المستوى الرّئاسي، "قد لا تبقى ثابتة في مربّع السلبيّة، حيث انّ مجموعة عوامل تتحرّك على أكثر من خط داخلي وخارجي، يمكن ان تحرّكها في الاتجاه الايجابي".

وتوقّفت عند "الحدث الكبير، الذي تجلّى في اعلان السعودية وايران اتفاقهما برعاية صينية، على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، بعد فترة طويلة من الانقطاع والصدام على اكثر من ساحة، وإعادة فتح السفارات والممثليات في غضون شهرين"، مشيرةً إلى أنّ "هذا الاتفاق السعودي- الايراني لا يمكن قراءته كحدث محصور في نطاق انفراج العلاقات بين البلدين، بل هو، تبعاً لموقع ودور البلدين في المنطقة، أشبه بدائرة مائية ستتوسع انفراجاتها حتماً، لتشمل أكثر من ساحة مشتركة بينهما؛ ولبنان بالتأكيد مشمول حتماً ضمن هذه الدائرة".

ولفتت المصادر إلى أنّ "الاتفاق السعودي- الايراني شكّل انقلاباً في الصورة، التي انضبط إيقاعها لسنوات طويلة على توترات ومواجهات في اكثر من ساحة. واما الأهم فيه، وما يمكن ان يشكّل نقطة أمل للبنان، هو تأكيد الجانبين على نقطة أساسية، حرفيتها التأكيد على احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، وهذا لا يعني فقط عدم تدخّل السعودية وايران في شؤونهما الداخلية، بل سائر الدول التي كانت فيها مجالات التدخّل واسعة في السنوات الأخيرة، ولا سيما في اليمن وغيرها من الدول، ولبنان من ضمنها".

كما أعربت عن قناعتها بأنّ "تأكيد ايران والسعودية على احترام سيادة الدول، يبدأ من اليمن على وجه الخصوص، إضافة إلى الملف السوري، الذي يشهد بدوره تطوراً نوعياً وبدأ ينحى نحو انفراجات، وخصوصاً على مستوى اعادة العلاقات العربية مع سوريا بعد انقطاع استمر منذ بداية الأزمة السورية؛ وكذلك لن يكون الملف اللبناني بمنأى عن هذا الأمر".

وشدّدت على أنّ "الاتفاق السعودي- الايراني يشكّل عاملاً مساعداً جداً على ترسيخ الاستقرار في لبنان، وتأكيد الجانبين احترام سيادة الدول وعدم التدخّل في شؤونها الداخلية، يدفع إلى الافتراض الأقرب إلى الواقع بأنّهما لن يتدخّلا في الشأن اللبناني، وخصوصاً في الملف الرئاسي. وهذا بالتأكيد ينفي ما يجري الترويج له منذ ايام ويهمس به بعض اللبنانيين، حول مقاربة سعودية سلبية للملف الرئاسي في لبنان، مقرونة بفيتوات على بعض المرشحين، على ما تردّد في الساعات الاخيرة عن "فيتو" سعودي على ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية".

هذا ما كان ينتظره "السيد" عندما رشح فرنجية؟

ركّزت "الجمهوريّة" على أنّ "الإعلان الثلاثي الجهات بين بكين والرياض وطهران، الذي صدر بعد ظهر امس من العاصمة الصينية، عن الإتفاق على إحياء التمثيل الدبلوماسي بين إيران والسعودية خلال شهرين، قفز إلى واجهة الأحداث الاقليمية والدولية، بما له من انعكاسات مباشرة على الاستحقاق الرئاسي في لبنان، الذي تحول ساحة للمواجهة بينهما. ولذلك طُرح السؤال، إن كان هذا هو الحدث الذي كان ينتظره الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله لدعم ترشيح سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟".

وأشارت إلى أنّه "قبل ان يلفت نصرالله في خطابه الاخير قبل ايام، إلى أنّ ملف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران قد انتهى البحث به منذ فترة طويلة بين الدولتين، وانّ البحث انتقل إلى ملفات أخرى لا تتصل بهذه المسألة، كان رئيس مجلس النواب نبيه بري قد شدّد في خطابه الاخير الذي ألقاه في احتفال تدشين مبنى السفارة الايرانية الجديدة في الضاحية الجنوبية لبيروت في السابع من شباط الماضي، على أهمية ان تكتمل المفاوضات الجارية بين البلدين، إلى ما يضمن مصلحة الجانبين واصدقائهما في العالمين العربي والاسلامي".

وذكّرت "الجمهوريّة" بما شهدته المرحلة الفاصلة بين الاعلان امس عن استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وتاريخ تعليقها لفترة امتدت منذ الاعلان السعودي عن تعليقها من جانب واحد، على لسان وزير الخارجية عادل الجبير في الثالث من كانون الثاني العام 2016، بعد الهجوم الذي استهدف السفارة السعودية والقنصلية العامة في طهران وحرقهما.

وأكّدت أنّ "الدور الايراني ممثلاً بـ"حزب الله"، ليس خافياً على احد، ويخوض الحزب مواجهة من هذا النوع منذ سنوات عدة، قادت إلى مسلسل العقوبات السعودية التي فُرضت على لبنان في خريف العام الماضي، في خطوة أعقبت دفع رئيس الوزراء السابق سعد الحريري إلى تقديم استقالة حكومته قبل عامين، وتحديداً في الرابع من تشرين الثاني العام 2017 من الرياض، رفضاً لما سمّته "إدارة حزب الله وهيمنته" على الحكومة اللبنانية وقراراتها".

كما بيّنت أنّ "إلى جانب ما تحتمله الخطوة الجديدة بين البلدين، ينبغي البحث عن تردداتها على ملف الاستحقاق الرئاسي في لبنان. فلكل من تعاطى بالملف دوره ويمكن استثمار نتائجه في لبنان. وإن انشغل احدهم بالبحث عن مدى تجاوب الدول الكبرى، ولا سيما منها الولايات المتحدة وروسيا مع الخطوة الجديدة، ينبغي القول انّ القيادة السعودية أبلغت إلى اصدقائها في واشنطن بالخطوة".

وتساءلت الصحيفة: "بناءً على ما تقدّم، ألا يجدر بالمراقبين احتساب خطوة السيد حسن نصرالله بدعم ترشيح فرنجية لرئاسة الجمهورية، وسط تساؤلات عن حجم رضا السعودية عن الخطوة؟ ولطالما انّها قطعت هذه الأشواط في علاقتها مع طهران، فما الذي يمنع ترجمة أي تفاهم ثنائي بينهما في لبنان وفي وقت قريب؟ وقد يُقاس مداه الحيوي في موازاة برمجة عودة الديبلوماسيين إلى البلدين في غضون شهرين من الآن، حيث على الجميع ترقّب كل جديد على هذا المسار يوماً بيوم وساعة بساعة... فلننتظر".

قضاة أوروبيون يشاركون التحقيقَ اللبناني في ملفّ رياض سلامة

لفتت صحيفة "الشرق الأوسط"، إلى أنّ "الملفات المالية تعود إلى دائرة الاهتمام القضائي بدءاً من الأسبوع المقبل، حيث يعقد قاضي التحقيق الأول في بيروت شربل أبو سمرا يوم الأربعاء أول جلسة تحقيق، في ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش ضدّ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان الحويك، بجرائم "الاختلاس وتبييض الأموال والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي".

وشدّدت على أنّ "هذا التحقيق يكتسب بعداً مهماً، بفعل مشاركة وفود قضائية من أربع دول أوروبية معنية بالملفات المالية اللبنانية". وأفاد مصدر قضائي لبناني لـ"الشرق الأوسط"، بأن "النيابة العامة التمييزية تلقت في الساعات الماضية، استنابات من فرنسا ولوكسمبورغ وبلجيكا، بالإضافة إلى استنابة وصلت الأسبوع الماضي من ألمانيا، أبلغت فيها المراجع القضائية أن وفودها ستصل إلى بيروت يوم الاثنين المقبل (بعد غدٍ)، تحضيراً للمشاركة في التحقيقات التي يجريها أبو سمرا مع حاكم البنك المركزي وشقيقه ومساعدته، باعتبار أن التحقيق اللبناني يتقاطع مع التحقيقات الأوروبية".

وركّز على أنّ "جود القضاة الأوروبيين مع القاضي أبو سمرا، يحلّ مكان المهمة المستقلة التي نفذها الأوروبيون في الجولة الأولى، التي تقرر استكمالها في النصف الأول من شهر آذار الحالي"، مؤكداً أن "قاضي التحقيق وافق على حضور الفرق القضائية جلسات الاستجواب التي سيعقدها، وعلى تنفيذ الاستنابات القضائية، شرط ألا تتعارض مع القانون اللبناني".

وأضاف: "سيطرح أبو سمرا ما يناسبه من الأسئلة التي يحملها القضاة الأجانب، والتي تتقاطع مع التحقيق اللبناني"، موضحًا أنّ "لائحة الأسئلة الأوروبية يُفترض أن تسلّم إلى القاضي اللبناني قبل يوم الأربعاء، ويفترض بالجانب الأوروبي أن يكون حاضراً ومستمعاً، ويحقّ له أن يدوّن مضمون الإفادات، ويمكنه أيضاً تقديم أسئلة جديدة في ضوء ما يدلي به المستجوبون".

وسبق للقضاء الأوروبي أن طلب من السلطة القضائية في لبنان تمكينه من الاستماع إلى ما يزيد على عشرة أشخاص، في الجولة الثانية من التحقيق بينهم رياض سلامة وشقيقه. وفسّر المصدر أنّ "استدعاء أشخاص آخرين، رهن بما يقرره القاضي أبو سمرا، وبما يرد في إفادات المستجوبين"، مبيّنًا أنّ "القضاء اللبناني سيتعامل بإيجابية مع القضاة الأوروبيين، انسجاماً مع ما تعهد به سابقاً لجهة تسهيل مهمتهم وبما يراعي سيادة القانون اللبناني".

كما أعرب عن استغرابه "إصرار الوفود الأوروبية على حضور جلسة الأربعاء المقبل، رغم علمهم بأن رياض سلامة قد لا يمثل أمام قاضي التحقيق، لكون المرحلة الأولى ستقتصر على حضور وكلاء الدفاع عن المدعى عليهم، ويتبعها تقديم دفوع شكلية وإمكانية استئناف هذه الدفوع أمام أكثر من هيئة قضائية، ما يعني أن الأمر يحتاج إلى أسابيع طويلة قبل الشروع بالاستجوابات".