يمرّ النظام العالمي المصرفي بأزمات عديدة وواحدة منها الأزمة التي عصفت ب​سويسرا​ بعد إنهيار Credit Suisse وقد بدأت مشاكله في العام 2021 عندما استثمر قسم الوساطة الرئيسي في صناديق التحوّط مثل Archegos التي أفلست وكلفت Credit Suisse 4.7 مليار دولار، ثم كان هناك إفلاس جرينسيل (التي مولت الشركات قصيرة الأجل عن طريق توريق قروضها مع Credit Suisse) والتي كلفته 2.6 مليار دولار.

اتهم المصرف المذكور بتمويل كارتل مخدّرات بلغاري وأدين حتى بتهم جنائية في سويسرا، وفي العام 2022 تم الكشف عن أنشطة غسله لأموال من الديكتاتوريين والسياسيين الفاسدين والمافيا، ووصل الامر بالـFINMA أن اتّهمته بعدم حرصه بشكل كافٍ.

الحكومة السويسرية احتوت الازمة عبر الاجراءات التي اتّخذتها ودمج Credit Suisse مع مصرف UBS... وهذا الامر يعيد الى الاذهان الأزمة التي يمر بها ​لبنان​، فلماذا نجحت سويسرا في حين أنّ الأزمة اللبنانية تتفاقم؟.

ببساطة لأن UBS امتصّ المصرف المتعثّر والمتورّط حتى لا تنسحب الازمة اليه. هنا تشرح الاستاذة في القانون المصرفي في الجامعة اللبنانية سابين الكيك عبر "النشرة" أن "المهمّ فيما حصل مع ​كريدي سويس​ هو سرعة احتواء الازمة والاجراءات التي اتخذت بغض النظر عن نوعيتها، بينما في لبنان تحوّلت الأزمة من أزمة مصرف الى أزمة مصارف متورّطة مع الدولة ومع ​مصرف لبنان​، وانتقلت بعدها لتصبح أزمة قطاع مصرفي".

بدوره الخبير الاقتصادي ميشال فيّاض اعتبر أن " البنوك في لبنان مذنبة بسوء إدارة المخاطر وإثراء مساهميها من خلال دفع أرباحهم ب​الدولار​ في الخارج، وإفقار ​المودعين​ من خلال المشاركة في مخطط بونزي لمصرف لبنان وغسل الأموال". عادت سابين الكيك لتشير الى أن " حالة الهلع في لبنان ليست خاصة بنا، وقد حصلت سابقاً مع بنك انترا"، مضيفة: "الفارق الوحيد هو أن نترك الهلع حالة عفويّة أو نحولها الى عدم ثقة وحتّى اليوم لم نقم بأي عملية إحتواء للأزمة".

راهنًا لا نستطيع مقاربة الازمة اللبنانيّة بتلك التي حصلت في سويسرا. وترى سابين الكيك أن "ذلك كان ممكناً في 17 تشرين الأول 2019 مع بدايتها وليس اليوم، فسويسرا تميّزت بسرعة احتوائها لكن لبنان لم يفعل ذلك"، مؤكدة أننا "لا نحتاج الى قوانين لحماية الودائع فهي مُصانة بقانون النقد والتسليف والدستور، ولولا القوانين التي تحميها لما كان لدينا النظام المصرفي". أما ميشال فياض طالب بأن "نطبق الشروط التي يضعها ​صندوق النقد الدولي​، والتي تضمنت خطة لازارد: إعادة هيكلة ​القطاع العام​ (أي مصرف لبنان) والخاصة (أي البنوك)، الدين العام والخسائر المالية، الميزانية الحقيقية، التدقيق العدلي الحقيقي وتعديل قانون السرّية المصرفيّة وصياغة قانون مراقبة رأس المال الحقيقي".

في المحصّلة، حصلت في بلدان عدّة أزمات مصرفية، وما جرى في سويسرا هو عيّنة بسيطة، وهذا يعني ببساطة أن الانهيار في لبنان كما في بلدان أخرى ممكن حصوله، لكن الفارق هو في طريقة المعالجة واحتواء الازمة، فلو مثلاً حذونا حذو ايسلندا أو حتى سويسرا لكننا خففنا الكثير... ولكن الحقيقة في مكان آخر، فهل يريد فعلاً المعنيون حل الازمة اللبنانية أم افتعلوها عن قصد لإيصال البلد الى ما هو عليه اليوم؟.