على وقع الرهان والإستثمار في التحولات الإقليمية المتسارعة، لا سيما بعد الإتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، أطل رئيس تيار "المردة" النائب ​سليمان فرنجية​، أول من أمس، من بكركي ليؤكد الإستمرار في ترشّحه لرئاسة الجمهورية، حيث كان الجميع ينتظر ما سيدلي به الرجل بعد زيارته إلى العاصمة الفرنسية ​باريس​.

من حيث المبدأ، ما ينبغي التوقف عنده هو أن الجميع يقرّ بأن الأمور لم تصل إلى مرحلة الحسم، حيث لا تزال تصب في إتجاهين: الأول يرى أن فرص إنتخاب رئيس تيار "المردة" باتت متقدمة جداً، بينما الثاني يعتبر أن الأمور باتت شبه مستحيلة.

في المواقف التي أدلى بها من بكركي، كان من الواضح أنّ فرنجيّة إختار بشكل دقيق العبارات التي يريد أن يدلي بها أو يردّ من خلالها على الأسئلة التي تطرح عليه، مقدّماً نفسه الشخصيّة الأنسب لمواكبة المرحلة الجديدة في المنطقة، لكنّ هذا لا يعني أنّه نجح في تجاوز العقبات التي كانت تعترض طريقه إلى القصر الجمهوري.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ هناك توجهاً لدى القوى الداعمة له على الترويج لمعادلة أن المعركة باتت شبه محسومة، وبالتالي إنتخابه مسألة وقت لا أكثر، بالرغم من أنّ هذا الأمر لا يمكن الجزم فيه، وتذكر بما كان قد حصل معه شخصياً في العام 2016، عندما راهن الكثيرون على إنتخابه بعد تبنّي ترشيحه من قبل رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هناك مجموعة من المؤشّرات التي لا تزال غير واضحة، أبرزها الموقف السعودي، حيث المعلومات متضاربة حول نتائج الإتصالات القائمة بين ​الرياض​ وباريس، ولا يبدو أن هناك من الأفرقاء اللبنانيين من يملك المعطيات الحاسمة، الأمر الذي يترجم بحالة الضياع التي تسيطر على الغالبية العظمى من هؤلاء، لكن الأهم يبقى السؤال عما إذا كانت المسألة تتوقف على الموقف السعودي فقط.

في الوقت الراهن، لا يمكن التكهن بالإتجاه الذي من الممكن أن تذهب إليه الأحداث في أي ساحة إقليمية، فقبل فترة قصيرة لم يكن من السهل توقع التحولات التي حصلت بعد إتفاق ​بكين​، بالرغم من بعض المؤشرات التي كانت تصب في هذا الإتجاه، وبالتالي المسلّم به هو أن كل السيناريوهات لا يمكن إستبعادها، لكن في المقابل الملف اللبناني قد يكون الأعقد في المرحلة الحالية، بالرغم من أن ظروف الملفات الأخرى كانت في السنوات الماضية أصعب.

إنطلاقاً من ذلك، تدعو المصادر السياسية المتابعة إلى التروّي في قراءة التحوّلات القائمة، خصوصاً بالنسبة إلى الإنعكاسات التي قد تترتب عليها لبنانياً، وتلفت إلى أنّ رئيس تيار "المردة" نفسه أوحى بأنّ الأمور لم تتّضح بعد، بدليل الرسائل التي توجّه بها إلى القوى المسيحيّة تحديداً، على إعتبار أنّ هذه القوى قادرة على تعطيل أيّ تسوية مهما كانت الجهات الإقليمية أو الدولية الداعمة لها.

في المحصّلة، تشير المصادر نفسها إلى أنّ الملف اللبناني سيشهد العديد من الإتصالات والمشاورات بعد عطلة عيد الفطر، قد يكون أبرزها لقاء مجموعة باريس، لكنها تلفت إلى أن التوافق على فرنجيّة يتطلّب خطوات أكبر من الإتفاق على إنجاز ​الإستحقاق الرئاسي​ فقط، الأمر الذي لن يكون من السهل الوصول إليه.