لم يشاطرني الرأي قيادي حزبي أن الجولة الأولى للموفد الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​ وربما الجولات المقبلة له في ​لبنان​، هي للسياحة وللإستفادة من الطبيعة الساحرة، بعكس طبيعة سياسييه.

وقال لي القيادي في دردشة بعدما أنهى لودريان لقاءاته وزياراته، هو الذي اختار غرفة "بعلبك" في قصر الصنوبر، أن هناك اهتمامًا فرنسيًا دائمًا وثابتًا في الملف اللبناني، وبمعزل عن اختلافنا أو تقاطعنا معه، منذ زمن مؤتمرات باريس وما قبلها وما بعدها حتى انفجار المرفأ وزيارة الرئيس الفرنسي ​إيمانويل ماكرون​، ومبادرته في حينها كانت مختلفة عن الحالية.

حيث إصطدمت المبادرة الأولى ب​الثنائي الشيعي​، زمن تكليف السفير مصطفى أديب تشكيل الحكومة يليها حوار في باريس أو في لبنان للبحث في طبيعة الأزمة وجوهرها، أي موضوع السلاح، الذي فرمل المبادرة.

وتابع القيادي، أن المبادرة الجديدة جاءت لتأكيد تصفير العداد الفرنسي، أي أن المبادرة السابقة لم تأتِ بنتيجة، بل كانت للإستماع إلى كل من التقاهم سائلًا إياهم ماذا يمكن فعله؟ منطلقًا من ميزان قوى يعطل العمل الديمقراطي للإتيان برئيس جمهورية. وفرنسا دولة ديمقراطية لا تتردد في مراجعة مواقفها.

وفي معرض حديثه، شاركني القيادي قوله: "حتى الشيخ نعيم قاسم أعلنها: "لا نحن ولا أنتم باستطاعتنا انتخاب رئيس من دون توافق".

لودريان تأكد من هذا الأمر وهو لا يريد الإنطلاق بمهمته من التقارير السابقة، بل يعمل على تكوين ملف جديد وجمع معطيات يبني عليها الى جانب حلول عمليّة لإنهاء حالة الشغور الرئاسي، وهل سيحصل من خلال التوافق على مرشح وسطي أو الإتفاق على اسم من خلال التقريب بين التقاطع من جهة والثنائي الشيعي من جهة ثانية.

من هذا المنطلق عاد لودريان الى فرنسا لدراسة الأجوبة على أسئلته مع ماكرون ومعاونيه، على أن يعود إلى لبنان بأفكار وطروحات رئاسية جديدة.

أما "إستطلاع" لودريان أدّى به إلى إستنتاج واحد، هو أن الثنائي الشيعي متمسك بفرنجيّة في حين أن قوى التقاطع لا تتمسك باي مرشّح بل يجمعها شعار: لا لفرنجيّة.

وقال القيادي الحزبي لـ"النشرة" إن الإنطباع لدى لودريان واضح، وهو ما عكسته الأجواء التي رافقت الزيارة الـ"لودريانية" رقم واحد، هو أن هناك واقعًا مسيحيًا رافضًا لفرنجية وواقعًا نيابيًا لا يريده بالإضافة إلى واقع خارجي يرفض إنكسار المسيحيين من خلال انتخاب رئيس لا يريدونه.

يجمع مَن إلتقوا لودريان أن فرنسا لن تتخلى عن لبنان وعن العمل من أجله جاهدة لإنهاء الشغور الرئاسي الذي قد يطول ويطول جدًا، خصوصًا أن اللبنانيين انتظروا سنتين ونصف السنة لإنتخاب رئيس خلفًا لميشال سليمان، ولخلافة ميشال عون سينتظرون أكثر، ولا شيء يمنع أن لبنان قد يعيش بلا رئيس.

أما آفاق المبادرة الفرنسيّة الجديدة تتوقف على مدى إمكانية الضغط على الثنائي الشيعي، ويبدو، بحسب القيادي الحزبي، أنه لن يسير بالتوافق الذي قد تبادر إليه فرنسا التي ستعمل جاهدة مع إيران لتليين موقف حزب الله من أجل التخلي عن عينه الثانية، بعدما كانت عينه الأولى العماد ميشال عون في زمن الرابية وليس في زمن بعبدا.

وختم القيادي بالقول: "زيارة لودريان في حزيران كانت، كالمباريات الرياضيّة الجماعية لجس النبض، لتكون زيارته في تموز لتسجيل الأهداف".