قبل أيام من عودة المبعوث الرئاسي الفرنسي ​جان إيف لودريان​ إلى ​لبنان​، بات من الواضح أن موقف بعض الكتل والشخصيات المعارضة، الرافض لمبدأ الحوار مع "​حزب الله​" وحلفائه، سيحول دون قدرته على تحقيق خرق كبير في جدار الأزمة الرئاسيّة، لكن في المقابل، يبدو أن قوى الثامن من آذار تستفيد من هذا الأمر، لتعزيز أوراق قوتها التفاوضية.

من حيث المبدأ، بات الجميع يدرك أنّ السقف، الذي ذهبت إليه تلك الشخصيّات والكتل، دون أفق، حيث لم تظهر أيّ مؤشرات على إمكانيّة الذهاب إلى مواجهة كبيرة على الساحة اللبنانيّة، في ظلّ غياب أيّ قرار خارجي واضح بهذا الخصوص، مع العلم أنّ هذه الساحة كانت قد شهدت، في الآونة الماضية، العديد من الأحداث التي كان من الممكن إستغلالها، في حال توفّرت الرغبة.

إنطلاقاً من ذلك، ترى مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن موقف قوى الثامن من آذار، في الوقت الراهن، أقوى من الفريق الآخر، العاجز عن تقديم أي مبادرة جديدة، خصوصاً أنه مع تراجع التقاطع، الذي حصل على إسم الوزير السابق ​جهاد أزعور​، بادرت بعض أركانه إلى مهاجمة شريكها فيه، أي "​التيار الوطني الحر​"، بسبب حواره المفتوح مع "حزب الله".

بالنسبة إلى هذه المصادر، طريقة تعامل تلك الكتل والشخصيات مع التقاطع، بعد الجلسة الثانية لإنتخاب رئيس الجمهورية، لم تكن سليمة، حيث كان من الممكن أن تذهب إلى تعزيزه من خلال الإتفاق على برنامج عمل مع جميع أركانه، بدل العودة إلى السجالات الماضية، التي قادت إلى إبتعاد في الموقف مع كل من "التيار الوطني الحر" و"​الحزب التقدمي الإشتراكي​"، بينما كان المطلوب السعي إلى إستقطاب مؤيدين جدد له.

بناء على ما تقدم، ترى المصادر نفسها أن القدرة على المبادرة عادت لتكون بين يدي قوى الثامن من آذار، في حين أن الفريق الآخر، المعارض لترشيح رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​، بات في موقع المنتظر للفعل للرد عليه، على وقع الخشية من حصول تطورات لا تصب في صالحه، خصوصاً على مستوى الحوار القائم بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر".

في هذا الإطار، تذهب المصادر السياسية المتابعة إلى الحديث عن أكثر من مسار تفاوضي، تستطيع قوى الثامن من آذار الرهان عليه للوصول إلى نتائج تصب في صالحها، إلى جانب قدرتها على رمي كرة التعطيل على الفريق الآخر، الذي يرفض الحوار بالرغم من عدم قدرته على إيصال مرشحه إلى رئاسة الجمهوريّة، على إعتبار أنه لم يصل إلى عتبة الـ65 صوتاً لصالحه، حتى ولو تمت معالجة مسألة النصاب المطلوب.

وتشير هذه المصادر إلى أنه، بالإضافة إلى الحوار القائم مع "الوطني الحر" الذي لا يزال يحتاج إلى المزيد من الوقت، هناك المسار الذي يستند على الحوار السعودي-الإيراني، الذي عادت الحرارة إليه بعد زيارة وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان إلى الرياض في الأيام الماضية، إلى جانب المسار الأميركي-الإيراني، الذي من الممكن أن يتعزّز في الفترة المقبلة.

في المحصّلة، تشدّد المصادر نفسها على أنّ هذه المسارات لا تعني القدرة على الوصول إلى نتائج في وقت قريب، على إعتبار أنّ الأمور لا تزال تحتاج إلى الكثير من النقاشات، مع العلم أنّ لكل مسار ظروفه الخاصة التي قد تتعرض للعرقلة، إلا أنها في المقابل تعني أن هناك خيارات من الممكن العمل عليها، بدل الإستمرار في الموقف السلبي فقط.