ليست قصّة تحرير ​سعر الصرف​ بالأمر السهل، الذي يُمكن تحقيقه في لبنان في ظلّ غياب الاصلاحات اللازمة، وما اقرار إعتماد منصة "بلومبرغ" لتحديد ​سعر الدولار​، إلا القول بطريقة أو بأخرى أنه تم تحرير سعر صرف الدولار مقابل ​الليرة​، وهذا عملياً هو مطلب أساسي ل​صندوق النقد الدولي​. وهنا العين تتجه إلى سعر العملة الخضراء الذي لا يزال مستقراً منذ مدّة، فما سيكون تأثير تحرير السعر؟.

"بعلم ​الاقتصاد​ أسهل الخيارات تكون باللجوء إلى تحرير سعر صرف العملة، لأن هذا الأمر يساعد على اصلاح العيوب المالية والاقتصادية على حساب العملة الوطنية، وبشكل أوضح على حساب الناس". هذا ما تؤكده مصادر مطلعة عبر "النشرة"، لافتة إلى أنه "في لبنان نستورد بـ100 دولار وندفع 100 الف ليرة لنشتري دولارا واحدًا، ولكن عندما ينخفض سعر صرف الليرة عندها نحتاج إلى 200 الف لشراء الدولار الواحد، وبالتالي المدخول حتماً سيقلّ"، مشددة على أن "تحرير سعر الصرف يحتاج إلى مقوّمات".

وتشير المصادر إلى أن "ما يخيف أكثر هو عندما نقوم بتحرير سعر الصرف أن يتم اللجوء إلى ردّ ودائع الناس بالليرة وعلى سعر الصرف، وهذا يعني أن الناس ستلجأ إلى تبديل أموالها التي هي بالليرة الى الدولار، وهذا الأمر سيخفض من قيمتها اكثر"، معتبرة أن "هذا السيناريو يمكن أن يحصل اذا لم يتم تصحيح الخلل بالاقتصاد والماليّة العامة".

الخبير الاقتصادي الدكتور ​جاسم عجاقة​، الّذي اعتبر أن "بلومبيرغ وضعت لتحرير سعر الصرف المطلب الأساسي لصندوق النقد الدولي "، رأى أن "هذا الحل، في ظل عدم ايجاد حلول لودائع الناس، يخلق اشكالية على الأرض، قد تترجم بتراجع سعر الصرف لاحقاً، وارتفاع الدولار"، شارحاً أن "هناك إمكانية لتحرير سعر الصرف مع احتمال تدخّل ​المصرف المركزي​ للدفاع عن الليرة في حال اهتزازها، ولكن امكانياته المحدودة لا تسمح بذلك اليوم"، متسائلا "في حال وضعنا الليرة مقابل الدولار على منصة بلومبيرغ وحررنا السعر ورفض المصرف المركزي التدخل بسبب عدم قدرته، ماذا سيحصل إذا كانت عروض الدولار قليلة؟ سيرتفع الدولار حتماً مقابل الليرة وبما أن السوق حرّ عندها سيقع الضرر".

"لا يمكن أن نتكل على استقرار الدولار حاليا لأنّه بقرار سياسي". هذا ما يؤكده عجاقة، مشيراً إلى أنه "باختصار فان العملة الخضراء مستقرّة لغياب المضاربة"، ويذهب أبعد من ذلك، ليلفت إلى أن "حاجات الدولة شهرياً بالعملة الصعبة تتراوح ما بين 200 إلى 300 مليون دولار والاستيراد يكلّف أكثر من مليار دولار، والسؤال الّذي يطرح نفسه من يملك الدولار للبيع والشراء على منصة بلومبيرغ"؟.

في المحصلة، هل سيبدأ الدولار رحلة ارتفاع جديدة بعد تحرير سعر الصرف؟ ومن سيضمن معالجة أي فلتان مالي بعد اتخاذ هكذا قرار، بعد أن فقد اللبنانيون ثقتهم بالمسؤولين والدولة الّتي تخلّت عن واجباتها تجاههم؟!.