أشارت صحيفة "الرّاي" الكويتيّة، إلى أنّ "انتكاستَين سياسيّة وأمنيّة تقاطعتا، لتعطيا إشارةً بالغة السّلبيّة حيال دخول ​لبنان​ ما يُخشى أن يكون بدايةَ مسارٍ يُفضي إلى "ولادة قيصريّة" لتسوية رئاسيّة، بعد أن تشتدّ أكثر لعبة "عضّ الأصابع" الدّاخليّة والخارجيّة، ويُعاد ضبط التّوازنات الّتي تشكّل النّاظم الفعلي للواقع المحلّي بامتداداته الإقليميّة- الدّوليّة".

ولفتت إلى أنّه "فيما كانت ​بيروت​ غارقة في عمليّة تقويم عن بُعد لتفاصيل النّكسة الّتي شقّت طريقَها إلى قلب المجموعة الخماسيّة حول لبنان، وظهّرت تشقّقات داخلها ربطًا بـ"البطاقة الصّفراء" الّتي رفعتها ​واشنطن​ في ​نيويورك​ بوجه ​باريس​ ومبادرتها، وحاصرت معها الدّور الفرنسي بـ"ساعة رمليّة" قلبتْها تحت عنوان حصر مهمّة الموفد الفرنسي ​جان إيف لودريان​ زمنيًّا، قبل الانتقال إلى مرحلة التشدّد، جاءت رسالة الرّصاصات الـ15 على مقرّ ​السفارة الأميركية​ في بيروت، بمثابة حَدَث مدجّج بأبعاد أمنيّة وسياسيّة لا يمكن التّقليل من أهمّيتها؛ رغم أنّ التّحقيقات ما زالت في بداياتها".

واعتبرت أوساط واسعة الاطّلاع لـ"الرّاي"، أنّه "أيًّا تكن ملابسات قيام شخص بإطلاق النّار من سلاح "كلاشنيكوف" على مقرّ السّفارة الأميركيّة في عوكر، وإصابة مدخله الرّئيسي وسيّارة كانت خلف البوّابة، فإنّ هذا التّطوّر يشكّل حادثًا بالغ الخطورة:

- أوّلًا، لأنّه خرقٌ لأمن محيط السّفارة الّذي يُفترض أن يكون مضبوطًا بالكامل.

- ثانيًا، لِما انطوى عليه من تجرؤ سيكون من الصّعب عزله عن مسرح العمليّات السّياسي الّذي جرى عليه، وتحديدًا "زجر" واشنطن الدّور الفرنسي في الملف الرّئاسي، بما أفقَده واقعيًّا غطاء الشّركاء الأربعة الآخَرين (​الولايات المتحدة الأميركية​، السعودية، مصر وقطر)، حتّى بدا أنّ الجولة الرّابعة المرتقبة للودريان في بيروت أوائل تشرين ألأوّل المقبل، باتت تفتقد إلى الرّافعة العربيّة- الدّوليّة، ناهيك عن "تنفيس" أغلبّية أفرقاء المعارضة في لبنان اندفاعة الموفد الفرنسي تحت عنوان الحوار، وذلك بعد إمعان باريس في تظهير نفسها على أنّها تعبّر في جانب أساسي من تحرّكها، جوهراً أو آليّات تقترحها؛ عن بُعد إيراني في مقاربة الملف الرّئاسي".

وأبدت الأوساط خشيةً "ممّا عبّر عنه استهداف السّفارة الأميركيّة من مؤشّر، بالحدّ الأدنى، على الفوضى الأمنيّة المنظّمة، في ظلّ صعوبة تَصَوُّر أن تكون عمليّة عوكر عشوائيّةً، نظرًا لما تطلّبته من رصد لـ"خاصرة رخوة" أمنيّة، ولنجاح مطلق النّار في الانسحاب بأمان"، معتبرةً أنّ "عدم توقيف الفاعل في السّاعات المقبلة، سيعزّز هذا الاقتناع".

وركّزت الصّحيفة على أنّ "استهداف السّفارة الأميركيّة، لم يحجب الأنظار عن مآلات المأزق الرّئاسي، الّذي انطبع بخطوة وأكثر إلى الوراء للدّور الفرنسي، مقابل خطوة إلى الأمام لمهمّة قطريّة انطلقت بتكتّم، مع تقارير عن وصول الموفد القطري أبوفهد جاسم آل ثاني إلى بيروت، أول من أمس، حيث سيقوم بجولة على عدد من القوى السّياسيّة، مدفوعًا من شركاء الدّوحة في اللّقاء الخماسي، الّذين يستعجلون مسارًا أقلّ مرونةً من الّذي اعتمدته باريس حتّى السّاعة ولم يُفضِ إلى أيّ نتيجة، وهو المسار الّذي أرسى ركائزه بيان الخماسيّة في الدّوحة في تمّوز الماضي، الّذي لوّح بـ"تدابير" بحق معطّلي الانتخابات، ودعا لإنجاز الاستحقاق داخل البرلمان وفق مواصفات لرئيس "يجسّد النّزاهة، يوحّد الوطن، يضع مصلحة الوطن أوّلًا، ويعطي الأولويّة لرفاه مواطنيه".