أكّد المدير العام السابق للأمن العام اللّواء ​عباس ابراهيم​، أنّ "​إسرائيل​ تعيش أسوأ أيامها، وهي تقاتل بعضلات الغرب، وفكرة "الردع الإسرائيلي" و"الجيش الذي لا يُقهر" كلّها سقطت، وما كُسر قد كُسر. وإسرائيل قبل 7 تشرين الأوّل الماضي لم تعد كما بعده، ولن تعود كما كانت".

وأشار، في حديث إلى صحيفة "الديار"، إلى "أنّني ضد إسرائيل ولست ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ فقط. ولكن في النهاية، وبعد الحرب هناك مسؤوليات ستُحدّد، محاكمات وتحقيقات ستطال رئيس وزراء العدو، وأنا منذ الآن أحمّل المسؤولية لنتانياهو، ولهذا يسعى اليوم من خلال أدائه الى أمر واحد، حماية نفسه".

وأوضح ابراهيم أنّ "مع كلّ هذا الدعم لإسرائيل ووجود الاساطيل، نتانياهو أمام خيارين: إذا انتهت الحرب سيذهب الى لجنة التحقيق، وإمّا سيستفيد من هذه الاساطيل، ويُخلّص نفسه بالحرب للقضاء على حركات المقاومة، وإظهار نفسه على أنّه بطل قومي، وبالتالي أصبح أسير مشروعه الشخصي وليس أي مشروع آخر؛ ولهذا أنا ضدّ نتانياهو".

واعتبر أنّ "إسرائيل ليست بدولة، هي وظيفة، هي موقع متقدّم للغرب للقيام بوظيفة تجاه هذا الغرب. إسرائيل ليست دولة ولم تكن يوماً دولة ولن تكون. ولو انها دولة، لكانت فكّرت بمنطق آخر"، مبيّنًا أنّ "الهامش المغطى لها كوظيفة هو الذي يجرّ الى حروب وحروب، ولو كانت دولة بعد ما حصل في 7 تشرين، لكانت فكّرت بمنطق الدولة، وهي كل ما تفعله الآن لاستعادة الردع واستعادة صورة "الجيش الذي لا يُقهر".

وركّز على أنّه "لأنّ إسرائيل وظيفة، فإنّ الذين وظّفوها هذه الوظيفة جاؤوا ليُدافعوا عن مصالحها كما يعتقدون، وهم مخطئون لأنّهم يدافعون عن مصالحهم بإعادة تنشيط وظيفة هذا الكيان، واستمرار وجوده قادر على أداء هذه الوظيفة. لكن إسرائيل لم تعد قادرة على القيام بوظيفتها التي أوجدها الغرب لها، وقد انتهى هذا العصر".

كما كشف اللّواء ابراهيم "أنّه ارسل اقتراحه بشأن حل الدولة في فلسطين المحتلة الى الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، مع عدم تطبيق حل الدولتين المطروح منذ عقود". وتمنى أن "تكون اللهجة في القمة العربية غدا عالية والموقف حاسما، وألّا يكون هناك تراخ في القرار. فالموقف الحاسم من هذه القمم يمكن أن يغير مواقف الدول".

وعن علاقته مع المستشار الأميركي ​آموس هوكشتاين​، ذكر "أنّني تعرّفت الى هوكشتاين في مسألة ترسيم الحدود البحرية، وقد انتهى هذا الملف كما تريد السلطة السياسية في حينه، وقد انتهى بنجاح. بعد ذلك، لم يعد هناك تواصل الى أن حصل ما حصل في ​غزة​. ففي اليوم الثاني للحرب، تواصل معي تحت شعار "تخفيف أو تحييد هذه الحرب عن ​لبنان​" بالقدر الذي أستطيعه".

وأشار إلى "أنّني قلت بكلّ صراحة وأبلغت من يجب أن أبلغه وأسمعه رأيي، أنني ضد الموقف الأميركي بالمطلق، لجهة عدم إجبار إسرائيل على القبول بوقف إطلاق النار. هذا الموضوع خارج كلّ الأطر وكلّ المعايير والقيم الأميركية المعلنة. أقول رأيي في كلّ الاجتماعات، وليس متطابقاً معه إلّا في مسألة واحدة، وهي ضرورة إبعاد احتمال قيام حرب".

وأفاد بـ"أنّني أتناقض معهم حول موضوع أنّ لبنان معني في الدفاع عن نفسه، يعني إذا شُنّ هجوم ما على لبنان فأنا خلف المقاومة وخلف ​الجيش اللبناني​. لكن إذا استطعنا الحفاظ على المصالح الفلسطينية وتحييد لبنان عن حرب كبرى، فأنا مع هذا الأمر".

وعمّا إذا كان هوكشتاين قد طرح مقايضة ما خلال زيارته الأخيرة للبنان، مثل الطلب بالضغط على "حزب الله" لعدم التصعيد، مقابل تسهيل وصول رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الى قصر بعبدا، أو إعادة النازحين السوريين الى بلادهم، جزم ابراهيم أنّ "أبداً، ليس هناك من مقايضة، ولم يدخل هوكشتاين ببازار".

من جهة ثانية، شدّد على أنّه "ليس صحيحاً عدم وجود نفط في البلوك 9. هناك دراسة للتربة أرسلت الى الخارج، ولم تصدر النتيجة بعد حتى يقال هناك غاز أو ليس هناك غاز. كما اننا حتى الآن لم نصل الى العمق المتفق عليه. لا نزال نحتاج الى الحفر على عمق 500 متر إضافية لتحديد وجود غاز أو عدمه، وشركة "توتال" غير حازمة في موضوع عدم وجود غاز حتى الآن".

وعمّا إذا كان يعتقد أنّ هناك تغييرًا أميركيًّا في اللهجة أم في العمق، بالنسبة لأحداث غزة، اعتبر أنّ "من يريد تغييراً في العمق، عليه أن يُعلن وقف إطلاق النار فوراً. وما داموا لا يتحدّثون عن وقف لإطلاق النار، في ظلّ هذه المجازر والجرائم التي ترتكب ضد سكّان غزّة من أطفال ونساء، يعني أنّه ليس هناك تغييرا جوهريا إنما تغيّرا تكتيا، وهذا التغيّر أميركا ودول الغرب لها مصلحة فيه الى حدّ ما".

وعن عدد الأسرى المزدوجي الجنسية، أعرب ابراهيم عن اعتقاده أنّ "العدد لا يملكه أحد في العالم، لأنّه ليس جميع الأسرى لدى جانب واحد. قد يكون هناك أسرى عند عائلات فلسطينية، وهذا الموضوع تلزمه هدنة إنسانية ليتمّ ضبطه وتقديم عدد الأسرى".

وأكّد أنّ "الوضع الميداني في غزّة جيّد جداً، وأنّ الإسرائيليين وصلوا الى الداخل لكنهم لا يستطيعون البقاء في البقعة التي وصلوا اليها. هناك كرّ وفر. في البداية دخلوا 4 كيلومترات، ثمّ عادوا وتراجعوا الى كيلومتر من جهة البحر السهلة نسبياً".

وعن زيارته الأخيرة إلى قطر واجتماعه برئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" اسماعيل هنية، أوضح "أنّني زرت الدوحة والتقيت هنيّة والأركان الموجودين معه، وكان الهدف من زيارتي أمور إنسانية أيضاً، أكثر منها سياسية، ولا علاقة لها بتبادل الأسرى، بل أتت استكمالاً لزيارات سابقة قمت بها، ولأضعه في الأجواء وأعلم ما هو قراره؛ والى أين تتجه الأمور".

وعن موضوع تبادل الأسرى، لفت ابراهيم إلى أنّه "ثمّة فلسطينيين يحملون جنسيات أخرى عالقين في غزّة، تمّ التواصل معي من قبل محاميهم. وهذه العائلات تحمل الجنسيات الفلسطينية- الأميركية، وجرى الاتصال بي لأنّها تعلم أنني قادر على التواصل مع الجميع"، مبيّنًا أنّ "العمليّات كانت متوقفة نتيجة التعنت الإسرائيلي وعدم السماح بإخراجهم من قبل الضغط على حركة "حماس" وغيرها، فسألت الحركة عن العوائق، ولماذا لا يتمّ إخراج هؤلاء، فردّوا أنّهم يطالبون في المقابل خروج جرحى مدنيين الى مصر، إذ لم يعد هناك قدرة لعلاجهم في المستشفيات في غزّة".

وأفاد بأنّ "العدو الإسرائيلي رفض خروج الجرحى، فقمت باتصالاتي اللازمة وتحديداً مع الأميركيين، وقلت لهم: "هؤلاء جزء من ناسكم". فاتصل بي المحاور، وصرّح للإعلام بأنّ هناك "أميركيين بزيت، وأميركيين بسمنة". فاستثمرت هذا الكلام، وفي اليوم التالي ردّ الأميركيون عليّ بعبارة واحدة "تمّ الاتفاق".

على صعيد آخر، نوّه ابراهيم إلى "أنّني جار رئيس مجلس النّواب ​نبيه بري​، وهو جار الود. وطوال عمري أنا على وئام معه. وكان بإمكان برّي أن يقوم بـ"فيتو" كبير عليّ، عندما كانت الدولة في صدد تعييني في بعض المراكز، لكنه لم يفعل لأنّه مؤمن بقدرتي على النجاح؛ ولكن عليك أن تعرف ماذا يُقال لبرّي".

وفسّر أنّ "هناك أشخاصا كثرا في الإدارة الأميركية ملتزمون بقراراتها، وعندما يتقاعدون يطرحون أفكارهم وقناعاتهم المختلفة. كلّ شخص انتماؤه الى دولة لها سقف قانون، وهذه الدولة ترى مصالحها بهذه القوانين، ما يحتّم عليه الالتزام بهذه القوانين، وإلّا فلا يدخل اليها. والغاية من دخول الدولة خدمة الناس، وخدمة قناعاته الى حدّ ما. من هنا، فإنّ وجودي في الدولة السابقة لا يمنع الإدلاء برأيي بحسب قناعاتي ما دمت خارجها".

وأعلن "أنّني لا أجد أن ​رئاسة الجمهورية​ قريبة، وأتمنى أن تكون غداً، لكن الظروف لا تدلّ على ذلك"، مشيرًا إلى أنّ "المواضيع الكبرى في المنطقة شغلت اهتمام وانتباه العالم، ولم يعد لبنان أساسياً على طاولة الغرب".

وركّز ابراهيم على أنّه "إذا لم يُمدّد لقائد الجيش، فيجب أن يتمّ تعيين قائد للجيش ولو من قبل هذه الحكومة. لا نستطيع أن نفرض على الرئيس المقبل قائداً للجيش، لكن نستطيع أن نعيّن قائداً للجيش يخدم لمدة سنتين، ومن الآن حتى ننتحب الرئيس ونشكّل الحكومة يكون قد شارف على انتهاء قانونية بقائه. وعندئذ يعين رئيس الجمهورية المقبل قائداً للجيش، وليس من الضروري أن نُعيّن قائداً للجيش لمدة 10 سنوات"، متسائلًا: "ما المانع من توقيع 24 وزيراً على تعيين قائد الجيش؟". وشدّد على "أنّني مع تعيين قائد للجيش ورئيس للأركان، فهذا أمر ممكن. وأنا مع تعيين رئيس أركان قبل قائد الجيش".

وعن موضوع ​النزوح السوري​، رأى "أنّنا اليوم نعيش مرحلة "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة". وملف النزوح قد تراجع الى المرتبة الثانية على مستوى لبنان"، مؤكّدًا أنّه "لا بدّ للدول الغربية أن تُفرج عن هذا الملف، ويكون عنوان هذا الإفراج السماح لعودة النازحين السوريين من كلّ العالم الى بلادهم. المجتمع الدولي يضع شروطاً على عودة النازحين وإعادة الاعمار قبل الحلّ السياسي في سوريا". وركّز على أنّ "الآن هناك خلطا للأوراق في المنطقة في ضوء ما يجري في غزّة، ولا أعلم ما الذي سينتج منه في السياسة. وربما يؤدّي الى تغيير الواقع الذي نتعاطى معه في هذا الملف".

إلى ذلك، لفت إلى "أنّني أعتقد أن الوضع الأمني في لبنان مضبوط الى حدّ كبير. والجيش والأجهزة يقومون بدورهم على أكمل وجه، وليس هناك من سبب سياسي بارز لتوتير الوضع، وليس هناك من نافذة في السياسة قد تصل الى الخلل الأمني. ورغم الوضع السياسي السيئ، ليست هناك تشنجات بين القوى السياسية. وفي النهاية الأمن في لبنان سياسي".