بعد أن كانت ​إسرائيل​ قد نجحت في الحصول على دعم غربي لا محدود، في الأيام الأولى من العدوان على ​قطاع غزة​، مستفيدة من الروايات التي عملت على الترويج لها في وسائل الإعلام العالمية، يبدو أنها، في الأيام الماضية، باتت في مأزق كبير، يتم التعبير عنه من خلال الضغوط التي تتعرض لها من الجانب الأميركي، نتيجة التداعيات التي تترتّب على الابادات والمجازر التي ذهبت إلى إرتكابها في القطاع.

في هذا السياق، كانت القيادات السياسية والعسكرية الإسرائيلية قد ذهبت إلى الإعلان عن أهداف تدرك صعوبة تحقيقها، ما دفعها إلى التعويض عن ذلك بإستهداف المدنيين، لكن اليوم ما ينبغي التوقف عنده هو التسريبات المتكررة عن أن تل أبيب لم تعد تمتلك الكثير من الوقت، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية الإسرائيلي ​إيلي كوهين​، عبر الإشارة إلى أن "الوقت المتاح للقتال ينفد"، لافتاً إلى أنه "بقي لدينا حوالي أسبوعين أو 3".

في هذا السياق، تشير مصادر مراقبة، عبر "النشرة"، إلى أنّ ​الولايات المتحدة​، في ظلّ التحولات التي يشهدها الرأي العام الغربي، لم تعد قادرة على الإستمرار في تغطية العدوان على غزة لفترة طويلة، لا سيما أن الجيش الإسرائيلي يفشل في تحقيق أيّ من الأهداف التي كان قد أعلن عنها، وبالتالي بات من الضروري البحث عن كيفيّة الوصول إلى إتفاق لوقف إطلاق النار.

وتلفت هذه المصادر إلى أنّ إدارة الرئيس الأميركي ​جو بايدن​ تدرك جيداً أن عليها، خلال وقت قصير، بدء التحضيرات الجدّية لإستحقاق ​الإنتخابات​ الرئاسيّة في الولايات المتحدة، حيث ستكون فيه بحاجة إلى أصوات الجماعات العربية والإسلامية المؤيدة اليوم للقضيّة الفلسطينية، بعد أن كانت هذه الجماعات قد اقترعت لصالحه في الإنتخابات الماضية التي تنافس فيها مع الرئيس السابق دونالد ترامب، وتضيف: "الرهان على الجماعات المؤيّدة لتل أبيب قد لا يكون كافياً في هذا المجال".

بالإضافة إلى ذلك، ترى المصادر نفسها أنّ الولايات المتحدة، بالإضافة إلى الدول الأوروبيّة التي أعلنت في البداية دعمها لإسرائيل، لم تعد قادرة على تجاهل مواقف الدول العربيّة والإسلاميّة، التي ترفض الإستمرار في الحرب، خصوصاً تلك التي تعتبر من حلفاء واشنطن التاريخيين، لا سيما مع تصاعد الأصوات التي تحملها المسؤوليّة المباشرة عن هذا العدوان، وهو ما ينعكس خلافات داخل الإدارة الأميركيّة ووزارة خارجيّتها حول الموقف من هذه الحرب.

في ظلّ هذه الأجواء، كانت الجبهة الجنوبيّة، في الأيام الماضية، قد شهدت تصعيداً كبيراً في حدّة المواجهات بين "​حزب الله​" والجيش الإسرائيلي، الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى الحديث عن إرتفاع منسوب خطر الإنزلاق نحو المواجهة الشاملة، لا سيما بعد أن وضع أمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله معادلة "الميدان هو الذي يتكلم ويفعل".

على هذا الصعيد، تلفت مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنّ خطر الإنزلاق نحو الحرب الشاملة يبقى قائماً، طالما أنّ العمليّات العسكريّة في هذه الجبهة مستمرة، حيث أن هذا الأمر قد ينتج عن قرار مقصود بالذهاب إلى ذلك، أو بناء على خطأ ما من الممكن أن يقع في أيّ لحظة من قبل أي جهة، ولا تكون الجهة الأخرى قادرة على تجاوزه من دون ردّ فعل من قبلها، بالرغم من أنها لا تزال تستبعد هذا السيناريو.

بالنسبة إلى هذه المصادر، المرجّح في الوقت الراهن هو إستمرار الإشتباكات بالوتيرة نفسها، بالرغم من تصاعدها في بعض الأحيان، أو العودة إلى التهدئة في حال تقدمت مفاوضات وقف إطلاق النار، خصوصاً إذا ما بادرت الولايات المتحدة إلى ممارسة ضغوط جدية على تل أبيب، لا سيما أنها تطالبها بشكل دائم بتجنّب توسيع رقعة العمليات العسكرية بإتّجاه لبنان.

في المحصّلة، تجدّد المصادر نفسها التأكيد على أنّ القلق الفعلي يبقى إحتمال مبادرة رئيس الوزراء الإسرائيلي ​بنيامين نتانياهو​ إلى مغامرة كبرى، بهدف الخروج من المأزق في غزّة وتجنب المصير الذي ينتظره سياسياً، على قاعدة أنّ ذلك من الممكن اعادة قلب المعادلة لصالحه، لكنها تشير إلى أنّ السؤال الأساسي سيبقى هو الموقف الأميركي من خطوة كهذه، خصوصاً لناحية تغطيتها سياسياً وعسكرياً.