يوم غد، يحتفل اللبنانيون ب​عيد الإستقلال​، الذي لا ينظرون إليه اليوم إلا من خلال ​المؤسسة العسكرية​، التي تمثل لهم، منذ سنوات طويلة، رمزاً لهذا الإستقلال، يتربى الأطفال عليه، من خلال مجموعة من التحركات الرمزية، منذ الصغر، لا سيما أنها المؤسسة الوحيدة التي بقيت بعيدة عن أجواء الإنقسامات السياسية والطائفية. لكن العيد هذا العام، يتزامن مع أزمة كبرى تهددها، خصوصاً في ظلّ السلوك المعتمد من قبل معظم الأفرقاء السياسيين، الذين أدخلوها في لعبة خطرة، لا أحد يعرف كيفية الخروج منها.

في الصورة العامة، يستمر الخلاف حول المخرج المناسب لتفادي الشغور المحتمل في ​قيادة الجيش​، مع إقتراب موعد نهاية ولاية ​العماد جوزاف عون​ في 10 كانون الثاني المقبل، نظراً إلى أن كل فريق يتمسك بوجهة نظره، التي يرى أنها تصب في خانة تحقيق مصالحه السياسية، من دون التنبه إلى التداعيات التي قد تترتب على ذلك، لا بل هناك من يمعن في خطوات أخطر من هذا الخلاف نفسه.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن السيناريو الأخطر، الذي بدأ البعض بالتداول به، يكمن بالوصول إلى تاريخ إنتهاء ولاية عون من دون الإتفاق على أي مخرج، خصوصاً في ظل السيناريوهات التي يتم التداول بها حول المرحلة التي تلي، مع العلم أنه، بحسب المعلومات، هناك من يتبرع بتقديم دراسات قانونيّة، حول ما يمكن القيام به في هذه الحالة.

وتلفت هذه المصادر إلى أن بعض هذه الدراسات، بحسب ما يتم التداول به من خلاصات توصلت إليها، قد يقود إلى أزمة كبيرة حول الجهة التي لها الحق في تسلم قيادة المؤسسة العسكرية، الأمر الذي قد يقود أيضاً، في حال تزامن ذلك مع إستمرار الخلافات السياسية وغياب القرار الواضح، إلى إنقسام داخل المؤسسة نفسها، لا سيما أن هناك من تعمد اللعب على هذا الوتر في الأيام الماضية، بشكل لا يمت إلى حس المسؤولية المفترض بصلة.

إنطلاقاً من ذلك، تستغرب المصادر نفسها لعبة رمي الأسماء حول المرشحين المفترضين لقيادة المؤسسة العسكرية، لا بل ذهاب البعض إلى تصنيف ضباط على رأس عملهم سياسياً، عبر الإشارة إلى أنهم مقربين من هذا الفريق أو ذاك، في عملية خطيرة قد تكون لها تداعيات لا يستهان بها في المرحلة المقبلة، الأمر الذي لم يحصل بالشكل الذي هو عليه اليوم في الماضي، ما يقود إلى إثارة حساسيات معينة.

في هذا الإطار، ترى المصادر السياسية المتابعة أن المطلوب اليوم إخراج الملف من لعبة التراشق السياسي، للعمل على معالجته بالشكل اللازم تحت عنوان الحفاظ على الإستقرار المحلي، في ظل الأوضاع الملتهبة على مستوى المنطقة وإستمرار المواجهات القائمة في الجبهة الجنوبية، خصوصاً أن أحداً لا يستطيع أن يتوقع حقيقة النوايا الإسرائيلية تجاه لبنان، ما يعني أن خطر الذهاب إلى حرب مفتوحة لا يزال قائماً.

في المحصلة، ترى هذه المصادر أن هناك خطوطاً حمراء من المفترض أن يدرك الأفرقاء السياسيون خطورة المس بها، لكنها تعرب عن أسفها لأنهم، على ما يبدو، ما عادوا يتنبهون إلى ذلك، الأمر الذي قد يؤدي إلى نتائج كارثية، في حين أن الهدف من المفترض أن يكون تجنب الشغور في قيادة هذه المؤسسة، بغض النظر عن المخرج الذي قد يتم التوصل إليه، على قاعدة أن الغاية هي حماية الدور الذي تقوم به، لا البحث في تداعيات ذلك على باقي الإستحقاقات أو تحقيق مصالح هذا الفريق أو ذاك.