أرخت الحرب في ​غزة​ والتوترات على الجبهة الجنوبية بظلالها على الواقع السياحي في ​لبنان​، وعرقلت حركة الوافدين سيّاحا كانوا أم مغتربين. فكل من كان ينوي زيارة لبنان تلقى تنبيهاً بعدم القدوم، أما من كان موجودا فكانت دعوات من سفارات بلادهم بضرورة المغادرة. هذا الواقع انعكس على ​قطاع الفنادق​ بشكل كبير، حيث انخفض معدّل الإشغال بنسبة 48.87 بالمئة حسب تقرير شركة التدقيق العالمية "أرنست أند يونغ" حول أداء الفنادق ذات فئتَي الـ4 و5 نجوم في منطقة ​الشرق الأوسط​ خلال الأشهر العشر الاولى من العام 2023.

وفي هذا السياق، أوضح رئيس اتحاد النقابات السياحية ونقيب اصحاب الفنادق في لبنان ​بيار الاشقر​، في حديث لـ"النشرة"، أن الوضع في الاشهر الخمسة الاولى من الماضي كان ضعيفا، ومن شهر أيار حتى مطلع تشرين الأول كان الموسم مميزا، ومع بدء الحرب في 7 تشرين الاول وعلى مدى الاشهر الثلاثة الاخيرة خسرنا كل الارباح التي حققناها في موسم الصيف، وشهدنا تراجعا بنسبة 95 بالمئة، مؤكدا أن "نسبة الاشغال في فنادق العاصمة اليوم تترواح بين 3 و10 بالمئة في افضل تقدير".

إقفال جزئي

أمّا فيما يتعلق بالفنادق في المناطق خارج ​بيروت​ والتي عادة تستمر بالعمل طيلة ايام السنة بات عدد كبير منها في حالة اقفال جزئي. ويعزو الأشقر السبب الى عدة ظروف منها ​الوضع الاقتصادي​ المتردي وارتفاع الكلفة التشغيلية، فكل فندق بحاجة الى توليد الكهرباء بين 20 و22 ساعة يوميا وشراء المياه نظرا لانقطاعها المستمر، وفي ظل الحركة الضعيفة كان خيار 80 بالمئة منها هو الاقفال موقتا.

على صعيد آخر، رأى الأشقر أن عند عودة الهدوء الى الجبهة الجنوبية، من الممكن ملاحظة ارتفاع حركة سياحة رجال الأعمال بين 3 و4 بالمئة. وحسب تقديراته لن تكون الحركة طبيعية في الفنادق قبل فصل الصيف، وليس بزخم العام الماضي، فبحسب تقييمنا للوضع الحالي، حتى لو عادت الامور الى طبيعتها غداً، فان ​القطاع السياحي​ في لبنان يحتاج من شهرين الى ثلاثة أشهر لاستعادة عافيته، لنتمكن من اعادة المؤتمرات والمعارض والمجموعات السياحية التي كانت ترغب بزيارة البلد وألغت حجوزاتها.

موسم خجول

في السنوات الماضية، واجه ​قطاع السياحة​ في لبنان تحديات كبيرة بسبب ​التغير المناخي​. فارتفاع درجات الحرارة وانخفاض كميات الأمطار أديا إلى تغير أنماط الطقس، وأثّر سلبا على العديد من الوجهات السياحية في البلد، وعند الحديث عن الموسم السياحي والفنادق، لا يمكننا غض النظر عن مناطق التزلج، التي كان يبدأ فيها الموسم بين عيدي الميلاد ورأس السنة. ففي 27 كانون الاول تقريبا كانت حلبات التزلج تفتح أبوابها وتستعد لاستقبال روّادها، أما اليوم فنحن في أواخر كانون الثاني وما زالت سماكة الثلوج اما خفيفة وأما معدومة.

في هذا الصدد، لفت الأشقر إلى أن نسبة الإشغال في مناطق التزلج منخفضة جدا وتتراوح بين 15 و25 بالمئة، بينما بالعادة في مثل هذه الأيام خصوصا في عطلة نهاية الاسبوع تكون النسبة 100 بالمئة.

في الختام، وبالرغم من أن الواقع السياحي المتردّي لا يقتصر على لبنان فقط، بل يشمل مختلف دول المنطقة كالأردن ومصر، الا ان لبنان يعاني من ازمات متعددة اثقلت كاهله، ويبقى الأمل بأن تنتهي الحرب في أسرع وقت وتتوقف آلة القتل، لتعود الامور الى طبيعتها ويستعيد القطاع السياحي عافيته، فهو رافد اساسي للاقتصاد ويعوّل عليه عدد كبير من اللبنانيين.