من المتوقّع أن يعقد ​مجلس الوزراء​ الأسبوع المقبل جلسة بجدول أعمال وحيد ألا وهي مناقشة واقرار قانون معالجة أوضاع المصارف وإعادة تنظيمها الذي يتألّف من ستين مادة. هذا القانون يأتي في وقت يحتدم فيه السجال حول الخسائر ومن يتحمّل المسؤولية في حين أن المصارف تحاول إلقاء تلك الأعباء على كاهل ​الدولة اللبنانية​ وتحميلها هي المسؤولية "غاسلة" في هذا الشكل يديها من كل تلك الحقبة السابقة وكأننها لم تستثمر في ​أموال المودعين​ ولم تجنِ الأرباح ولم تساهم في إخراج الأموال الى خارج لبنان.

يطرح مشروع القانون عدّة إشكاليات تتعلّق بإعادة الهيكلة وصولاً الى التصفية فأموال المودعين وغيرها. وفي هذا الإطار يشير الخبير الاقتصادي ميشال فياض عبر "النشرة" الى أن "المشروع يميّز بين الودائع بالليرة التي تكونت قبل 17 تشرين الأول 2019 وتلك التي تكونت نتيجة التحويل غير القانوني لليرة اللبنانية إلى ​العملات الأجنبية​ بعد 17 تشرين الأول 2019، كما يُطلب من البنوك ضمان استرداد الودائع بما يصل إلى 100000 دولار للودائع بالليرة التي تمت قبل 17 تشرين الأول 2019 وما يصل إلى 36000 دولار للودائع بالليرة التي تم إجراؤها بعد 17 تشرين 2019".

يضيف فياض: "أما الودائع الأكبر من هذه المبالغ فستحذف من ميزانيات البنوك التي لا تستطيع دعم 90 مليار دولار، لا سيما أن ​مصرف لبنان​ سيمحو جزءاً من ديونه للمصارف"، لافتا الى أنه "يمكن تحويلها إلى أسهم مصرفية (Bail-in) لكن بمعدل 4 ليرات للدولار، إلى ليرة لبنانية (Lirification) عبر تحويل الودائع بمعدل يقارب 20% من سعر السوق أو إلى أوراق مالية مرادفة للحقوق"، بالمختصر يشدّد فياض على أن "المشروع يتبنى ما أوصت به خطة لازارد فيما يتعلق بإعادة هيكلة ​القطاع المصرفي​ لكنه يفتقر إلى الوضوح فيما يتعلق بتوزيع خسائر الـ70 مليار دولار".

اللافت في مشرع الحكومة هو أنه يتضمّن إعادة الأموال المحوّلة بعد تشرين الاول 2017، كذلك يتضمن شطب الودائع غير المشروعة، إضافة الى هذا كلّه يطلب من المصرفيين إعادة ضخ أموال جديدة لمصارفهم. هذا كلّه دفع رئيس مجلس ادارة I&C Bank جان رياشي عبر وسائل التواصل الى اعتبار أنه "لا يمكن أن يمرّ أولا لأنه سيفضح كل من حوّل الى الخارج ويطلب إعادة تلك الأموال وهم أحزاب وسياسيين وقضاة ومدراء عامين وضباط وهيئات دينية... كذلك سيفرض على أصحاب الأموال تبرير مصدر أموالهم ضمن إطار قانون "من أين لك هذا"؟.

يتزامن طرح مشروع القانون هذا مع الكلام عن تحديد ​سعر الصرف​ الذي يرى البعض أنه في "ملعب" ​وزارة المالية​. إلا أن مصادر قانونية مطلعة أكدت لـ"النشرة" أن " ليس من صلاحية وزير المال تحديد سعر الصرف لا سيما وان مفعول المادة ٢٢٩ نقد وتسليف انتهى منذ ١٩٧٠ بإنقضاء إتفاقية بريتن وودز التي كانت تحدد اسعار العملات بأوزان ثابتة من الذهب، وبالتالي فان سعر الصرف راهناً يجب ان يحدد حصرا في السوق الشرعي للعملات"، معتبرة أن "أي قرار يصدر عن وزير المال يحدد بموجبه سعر الصرف يكون عرضة للإبطال".

في المحصّلة كثيرة هي الشكوك حول إمكانية اقرار مشروع قانون معالجة أوضاع المصارف وتنظيم عملها والذي حصلت "النشرة" على نسخة منه... فهل حقيقة يريد المعنيون إقراره أم هو مجرّد "لعب في الوقت الضائع"!.