على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء اليوم بند يتعلّق باقتراح وزارة الخارجية إقفال بعثات دبلوماسية، في إطار تدابير عصر النفقات وخفض المصاريف التشغيلية للبعثات.

ويتضمّن الاقتراح الذي اطّلعت عليه «الأخبار»، إغلاق ست بعثات، خمس منها في أميركا اللاتينية، وهي سفارات لبنان في كل من تشيلي والأوروغواي والإكوادور والباراغواي والقنصلية اللبنانية في ريو دي جانيرو البرازيلية، إضافة إلى السفارة في ماليزيا. وأشارت الخارجية إلى أن إقفال هذه البعثات سيحقق وفراً قدره مليونان و163 ألف دولار.ويُعدّ الاقتراح تراجعاً من «الخارجية» عن مشروع تقدّمت به إلى مجلس الوزراء في آذار 2022 لإغلاق 17 بعثةً، تضم قنصليتين في أوروبا الغربية (ميلانو ومرسيليا)، وثلاث سفارات في أوروبا الشرقية (أوكرانيا وبلغاريا وتشيكيا)، وخمساً في أميركا اللاتينية (التشيلي والأوروغواي والإكوادور والباراغواي وكوبا)، والقنصلية في ريو دي جانيرو، وسفارتين في آسيا (ماليزيا وكازاخستان)، وأربع سفارات في دول عربية (البحرين واليمن والسودان وليبيا).

وقدّرت الوفر المتوقّع من عمليات الإقفال بحوالي 15.5 مليون دولار خلال خمس سنوات. غير أن المُماحكات السياسية على مدى عامين حالت دون مناقشة المشروع، إلى أن بحثه مجلس الوزراء في جلسة 12/1/2024، وأجّل البت به إلى اليوم، على أن تعود وزارة الخارجية باقتراحٍ «مخفّف».

وذكرت أوساط متابعة إن الخارجية أعادت تقييم لائحتها على ضوء ملاحظاتٍ لتفادي الرسائل الخاطئة في ال​سياسة​ ولدى الجاليات، ما أدّى إلى تقليص اللائحة بشكلٍ يُخفف من الأثر السياسي لعملية الإغلاق. ولذلك، «ارتأت عدم إقفال نصف سفارات لبنان (3 من أصل 6) في أوروبا الشرقية، والإبقاء على السفارة في كازاخستان التي يشكّل إغلاقها رسالة غير موفّقة في السياسة الخارجية، كون كازاخستان هي الدولة الإسلامية الوحيدة في منطقة القوقاز التي توجد فيها سفارة لبنانية. كما تبيّن أنّه لن يكن مفيداً إقفال السفارات في دول عربية».

لا معطيات واقعية تشير إلى حلحلة قريبة لازمة الوظفين

على صعيد مختلف، اوضحت "الاخبار" بانه ليست هناك معطيات واقعية تشير إلى حلحلة قريبة على صعيد الموظفين في الدولة. يقول ممثل وزارة المالية في تجمع موظفي القطاع العام حسن وهبي: "اتفقوا مع العسكر ولم يتفقوا معنا". لذا "ليست هناك رغبة في فكّ الإضراب بناءً على ما تعرضه الحكومة. حتى الوعد بسلسلة جديدة ليس مغرياً، فالأسئلة حولها كثيرة، هل هي إعادة استنساخ للقديمة بأرقام معدّلة، أم ستوضع بناءً على دراسة شاملة لكلّ الموظفين بمختلف فئاتهم؟".

من جهته استهجن النقابي محمد قاسم موافقة أيّ من فئات الموظفين أو المتقاعدين على الأرقام المطروحة من الحكومة، رافضاً الذريعة الحكومية بتصحيح الأجور في حزيران القادم. ورأى قاسم أنّ "ما تعرضه الحكومة بمثابة شتاء وصيف تحت سقف واحد، وتمييز بين العاملين في القطاع العام، وأيّ رقم تقرّه الحكومة اليوم هو بمثابة تعويض عن غلاء المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية للرواتب، وبالتالي يجب أن تكون الزيادات متوازية للجميع لأنّ الغلاء شامل".

مجلس الوزراء سينظر في رواتب القطاع العام

وفي السياق، كشفت مصادر مطلعة في وزارة المالية لـ«الجمهورية» انّ الاخيرة قدّمت عدة اقتراحات حلول مرفقة بكلفة كل واحدة منها، على ان يعود البَت في الصيغة النهائية التي ستعتمد الى مجلس الوزراء. وإذ رفضت المصادر الكشف عن السيناريوهات المطروحة تجنّباً لضياع الموظفين، وتجنّباً لأيّ ردة فعل خاطئة في الشارع لصيغة قد لا تعتمد، أكدت انّ متى انعقد مجلس الوزراء سينظر في رواتب القطاع العام وهذا ما يفسر ادراجها كبند اول في جلسة مجلس الوزراء.

وأكدت المصادر انّ ملف القطاع العام مُتشعّب ما بين الاداريين والموظفين والمتقاعدين والعسكريين، وفي الوقت نفسه معالجته دقيقة جداً، إذ يجب ان يكون الحل الذي ستخرج به الحكومة مقبولاً من الجميع، خصوصاً بعدما تبيّن انّ إرضاء فريق على حساب آخر سيزيد من تفاقم الأزمة، لذا هناك عدة مَساع ليكون الكل راضياً.

وكانت الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد أعلنت جدول اعمال الجلسة الحكومية التي تتضمن 27 بندا، وينص البند الاول على إعطاء تعويض مؤقت لجميع العاملين في القطاع العام والمتقاعدين الذين يستفيدون من معاش تقاعدي وتعويض النقل الشهري المقطوع للعسكريين.

ازمة الرواتب بطريقها الى الحل

وقد سلكت أزمة الرواتب للقطاع العام والعسكريين المتقاعدين طريقها الى الحل، بعد سلسلة اجتماعات أفضَت الى توافق على صيغة شاملة للزيادات والتقديمات ستطرح بنداً اول على طاولة مجلس الوزراء بعد ظهر اليوم، خلاصتها انّ الحد الادنى للاجور لن ينقص عن الـ٣٠٠ $. واكدت مصادر حكومية لـ"الجمهورية" انه حتى لو لم يكن قد تم التوصّل بعد الى حلّ، فإنّ تطويق السرايا الحكومية اصبح فعلاً لن يتكرر بعد اتصالات حصلت بين السرايا وقيادة الجيش يوم الجمعة الفائت، على أثر محاصرة رئيس الحكومة وما يمثّل من موقع لساعات في هذا المكان وعدم تَمكّنه من المغادرة حتى المساء بسبب تطويق العسكريين كل المداخل.

وقالت المصادر: "كان يمكن ان تنزلق الامور الى اكبر واخطر من مطالبة بحقوق، ففي بلد مثل لبنان لا يمكن فصل الحدث عن أبعاده الطائفية، ومحاصرة الموقع السني الاول ما كان ليمرّ عادياً لولا الاتصالات العالية المستوى التي حصلت وحذّرت من انزلاق الامور، خصوصاً اذا أصرّت القوى المولجة حماية السرايا الحكومية ورئاسة الحكومة على فتح الطريق امام رئيس الحكومة للمغادرة، والتي استوقفها عدم تدخل الجيش لفتح الطرق".

وعلمت "الجمهورية" انّ العسكريين تلقّوا توجيها صارما يمنع قطع الطرق منعا باتا، وكذلك يمنع تطويق السرايا والاكتفاء بالاعتصام السلمي.

وحول أزمة الرواتب والتقديمات علمت «الجمهورية» ان اجتماعات مكثفة حصلت في اليومين الماضيين بمشاركة وزراء ومعنيين، أفضَت الى وضع حلول واقتراحات سيناقشها مجلس الوزراء في جلسته اليوم لدرسها وإقرارها، وتشمل ايضا حل إضراب موظفي وزارة المال الذين سيواظبون مباشرة على تسيير المعاملات والاجراءات المتعلقة بدفع الرواتب التي ستتأخر حتماً تأخيراً تقنياً لبضعة ايام.

العسكريون المتقاعدون

الى ذلك اكدت مصادر العسكريين المتقاعدين لـ«الجمهورية» انّ الامور حتى مساء هذا اليوم (أمس) لم تكن ايجابية ولا تَشي بأنّ الحكومة تتجه الى تبنّي المقترحات التي تقدّم بها تجمّع العسكريين المتقاعدين، وخصوصاً لجهة وجوب رفع الحد الادنى للمتقاعدين، عسكريين ومدنيين، الى ما لا يقل عن ٣٠٠ دولار اميركي، خاصة انه يمكن تأمين الاعتمادات لذلك من خلال بطاقات الائتمان التي ستسمح بإبقاء سقف الانفاق ضمن القيمة التي حددها مصرف لبنان». واوضحت المصادر انّ الحديث عن انّ المتقاعدين يطالبون ببدل نقل وبدل إنتاجية عار عن الصحة، وجُلّ ما طالبوا به هو تأمين الحد الادنى الانساني للمتقاعد، واعتماد نسبة زيادة موحدة للجميع على ان تكون مقرونة بتصحيح تدريجي مُستدام للرواتب والاجور وفقاً لتنامي مداخيل الدولة وبما يحفظ الاستقرار النقدي». وكشفت انّ «العسكريين سلّموا اقتراحاً للوزير عصام شرف الدين يقضي بمنح المتقاعد ٤ معاشات زيادة على راتبه الحالي على ان لا تقل عن ١٦ مليون (٨ ملايين نقداً و٨ ملايين تُدفع في بطاقة ائتمان)».