في الأسابيع الماضية، طغت على الساحة المحلية "زحمة" مبادرات داخلية متعلقة بالإستحقاق الرئاسي، بهدف الوصول إلى الحسم عبر إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، بالرغم من تسليم غالبية القوى بأن الظروف المحيطة ليست مساعدة، بسبب الغموض الذي يسيطر على المشهد الإقليمي، نتيجة العدوان الإسرائيلي القائم على قطاع غزة وجنوب لبنان.

في هذا السياق، قد يكون من اللافت أن المبادرتين، المنضمتين إلى مبادرة كتلة "الإعتدال الوطني"، جاءتا من "اللقاء الديمقراطي" و"التيار الوطني الحر"، مع العلم أن كلّاً من النائب السابق وليد جنبلاط والنائب جبران باسيل قد قدما قراءة، في الأسابيع الماضية، تصب في إطار أن الحرب القائمة لن تنتهي قريباً، وبالتالي يمكن الحديث عن أن المبادرتين قد يكون الهدف منهما كسر حالة الجمود، بعيداً عن التطورات العسكرية.

في هذا الإطار، تدعو مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى التمييز بين المبادرتين من نقطة مفصلية، حيث أن مبادرة "اللقاء الديمقراطي" تحرص على البقاء ضمن الخطوط العريضة، المتمثلة بالسعي إلى حث الأفرقاء المعنيين على الحوار، من دون الدخول في أي تفاصيل أخرى، في حين أن مبادرة "الوطني الحر" تصب في سياق السعي إلى تأمين الأرضية المناسبة لدعم خيار المرشح الثالث المقبول من غالبية الكتل السياسية، وبالتالي هي تسعى إلى خلق واقع محلي جديد، يكون له تداعياته على الإستحقاق.

بالنسبة إلى هذه المصادر، الأجواء الحالية لا توحي بإمكانية أن يكتب لكل من المبادرتين النجاح، نظراً إلى أن الظروف المحيطة تحول دون ذلك، على إعتبار أن هناك جبهتين محليتين تراهنان على الوقت من أجل إنجاز الإستحقاق وفق ما يخدم مصالحهما من حيث المبدأ، لكن الأساس يبقى أن القرار الخارجي، الذي من المفترض أن يأتي بعد تسوية واضحة المعالم، لم يظهر بعد، ما يسمح بالإستمرار في لعبة المماطلة، وترى أن الكسر في المعادلات قد لا يكون مفيداً، طالما أن لعبة النصاب ستبقى حاضرة.

بالتزامن، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى وجود نقطة إيجابية لا يمكن تجاهلها، تكمن بغياب القرار الخارجي الذي قد يقود إلى المواجهة على الساحة المحلية، حيث تلفت إلى أن لقاء النورماندي، بين الرئيسين الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون، يصب في هذا الإتجاه، بالرغم من الرهانات التي كانت لدى بعض الجهات المعارضة، لكنها توضح أنه في المقابل هناك تباينات في وجهات النظر بين القوى الخارجية الفاعلة، حيث هناك من يستعجل الوصول إلى حل، ومن يفضل الإنتظار بعض الوقت، إلى حين وضوح الصورة الإقليمية.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع هو الذي فتح الباب أمام مجموعة من التحركات المحلية، لكنها تشدد على أن جميعها تصطدم بالعقدة الأساس، بغض النظر عن الأسباب الأخرى التي تقدم، وهي عدم وجود القرار الحاسم، حيث أن كل فريق لا يزال على موقفه من دون التقدم خطوة إلى الأمام، بل على العكس من ذلك يظهر تمسكاً أكبر بما يطرحه، بدليل المواقف التي تصدر عن رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية على سبيل المثال.

في المحصّلة، ترى المصادر نفسها أن الإتجاه العام يتأكد يوماً بعد آخر، بالنسبة إلى الإستحقاق الرئاسي، وهو عدم القدرة على إنجازه قبل إنتهاء العدوان الإسرائيلي على غزة والجنوب، الأمر الذي قد يمتد أشهراً طويلة، في ظل التحولات التي تحصل على المستوى الداخلي في تل أبيب، وتضيف: "بنيامين نتانياهو يثبت في كل مرة أنه يفضّل خيار إستمرار الحرب، بشكل أو بآخر، على الذهاب إلى حلّ، قد يدفع ثمنه على المستوى الشخصي".