بعكس "الدخان الأبيض" الذي تصاعد ليلا من الفاتيكان معلنا انتخاب بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية، ومدشنا احتفالات عمّت أرجاء العالم من أقصاه إلى أقصاه، بقي "الدخان الأسود" هو المسيطر على الساحة اللبنانية، التي بقيت معلّقة على وضع أمني يزداد تدهورا وقانون انتخابي يزداد تعقيدا، وبينهما حقوق اجتماعية ومطلبية تبحث عن "سلطة"..

هكذا، تبدو الصورة أكثر من "قاتمة" في لبنان، خصوصا في ظلّ "التوترات الأمنية" القابلة للتصاعد أكثر فأكثر خلال المرحلة المقبلة، وهو ما أوحت به التطورات المتسارعة خلال اليومين الماضيين، إضافة إلى ما يُحكى هنا وهناك عن "تمركز" جبهة "النصرة" في الداخل اللبناني، وهو الأمر الذي أكده النائب ​عاصم قانصو​ في حديث لـ"النشرة" اعتبر فيه أنّ الوضع غير آمن على الاطلاق وأنّ ما يحصل لم يشهده اللبنانيون حتى في عزّ أيام الحرب!

بابا جديد للكنيسة الكاثوليكية..

فرنسيس الأول خلفا لبنديكتوس السادس عشر على رأس الكنيسة الكاثوليكية..

ففي دورة الاقتراع الخامسة، تصاعد "الدخان الأبيض" من قلب الفاتيكان، معلنا عن انتخاب بابا جديد، ومعلنا في الوقت نفسه عن "مفاجأة" من نوع آخر، ف​البابا​ المنتخَب هو الكاردينال الارجنتيني خورخي ماريو برغوليو (76 سنة)، وهو أول بابا يرتقي السدة البطرسية من أميركا اللاتينية، التي تعد أكبر عدد من الكاثوليك وتشعر بأنها لم تنل حقها، والاول من خارج أوروبا منذ أكثر من ألف سنة.

البابا الجديد اختار لنفسه اسما جديدا يُستخدَم هو الآخر للمرة الأولى، فرنسيس الأول، وذلك تيمنا بالقديس المتواضع الذي عاش في القرن الثالث عشر حياة زهد وفقر، وهو ما قد يؤشر لرغبته في التغيير داخل الكنيسة. وكان قد عيّنه البابا الراحل يوحنا بولس الثاني مطراناً معاوناً في بوينس آيرس في 20 أيار 1992. وعند وفاة المطران انطونيو كاراسينو اصبح مطران العاصمة الارجنتينية. هو ايضاً مطران برتبة عادية للمؤمنين من الطوائف الشرقية. عيّنه البابا يوحنا بولس الثاني كاردينالاً في 21 شباط 2001. وفي "كونكلاف" 2005 كان المنافس الاول لبنديكتوس السادس عشر.

وفيما عُلم ان البابا الجديد يضع صوراً للقديس شربل في مكتبه كما يحمل صوراً له في سفراته ويكرّمه تكريماً خاصاً، برز ما قاله في إطلالته الأولى من على الشرفة المركزية لكنيسة القديس بطرس، حيث لفت إلى "أننا نبدأ اليوم مشوار المحبة والأخوة والثقة بيننا ونصلي لبعضنا دائما ولكل العالم لكي يصبح هناك اخوة بين كل العالم"، قائلا: "أعطيكم بركتي طالبا منكم الصلاة لله لكي يباركني".

"14 آذار".. بأيّ حال عادت الذكرى؟!

بالانتقال إلى السياسة الداخلية، تمرّ اليوم ذكرى الرابع عشر من آذار "مرور الكرام" للمرة الأولى منذ ثماني سنوات، بعد أن اختارت قيادات الفريق "الآذاري" إحياء الذكرى في احتفال في مجمع "البيال" يوم الأحد المقبل، ودون حضور القيادات الأساسية حسب المعلومات المتوافرة. وإذا كانت قيادات "14 آذار" سعت إلى التأكيد على "المبادئ" التي قامت على أساسها "ثورة الأرز"، نافية أيّ "اهتزاز" في العلاقة بين مكوّناتها بفعل النقاش بقانون الانتخاب، فإنّ الوضع الأمني بقي سيّد الموقف خلال الساعات الماضية، حيث برز ما قاله النائب عاصم قانصو، في حديث لـ"النشرة"، لفت فيه إلى أنّ جبهة النصرة أصبحت متمركزة بقوة داخل لبنان تماما كعناصر ما يسمى بـ"الجيش السوري الحر"، وتحدث عن مشروع أميركي صهيوني يقضي باستجلاب المتطرفين من سوريا بعد فشل مؤامرتهم هناك الى لبنان لاقامة نوع من التوازن بوجه "حزب الله". وقال: "أنا متخوف مما هو مقبل باعتبار ان الوضع غير آمن على الاطلاق في لبنان وما نعيشه اليوم لم نعرفه حتى خلال الحرب الأهلية".

وفي وقت تصاعدت التحذيرات من الدخول السلفي الأصولي إلى الداخل اللبناني، قلّل رئيس حزب "القوات اللبنانية" ​سمير جعجع​ من شأن ما يُحكى على هذا الصعيد، فنفى في حديث لصحيفة "الدايلي ستار" أن يكون هناك وجود جهادي أصولي في لبنان، مشيراً إلى أنّه "لا يمكن إخفاء الجهاديين والأصوليينولكانوا عبّروا عن وجودهم في البلاد بطريقة غير مقبولة لو كان هذا الأمر حقيقياً"، في وقت كان مسؤول العلاقات السياسية في الحزب "العربي الديمقراطي" ​رفعت عيد​ "يبشّر" الشعب اللبناني بأنّقائد "الجيش السوري الحر" بات يقيم في "غرفة سعد الحريري في فندق كواليتي إن"، كما قال.

وفيما تواصل ​هيئة التنسيق النقابية​ تحرّكاتها وتصل اليوم إلى المرفأ وتنتقل منه إلى الأملاك البحرية و"أحد رموزها الفاقعة"، كما قال رئيس الهيئة حنا غريب، في إشارة إلى "الزيتونة باي"، فإنّ قضية دار الفتوى عادت إلى الواجهة، مع ما سُرّب من اجتماع رؤساء الحكومات السابقين عن"مهلة" أعطيت لمفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني للدعوة لاجتماع للمجلس الشرعي قبل يوم السبت، وهو الأمر الذي سارعت أوساط المفتي لرفضه، حيث أكدت أنّ "كلّ ما جرى أمس هو مجرّد تهديد لن ينفع مع سماحته"، كما قالت.

كلمة أخيرة..

ابتهج اللبنانيون كما العالم بأسره بتصاعد "الدخان الأبيض" من الفاتيكان معلنا انتخابا بابا جديد على رأس الكنيسة الكاثوليكية..

ولكنّ اللبنانيين تمنوا أن يصل هذا "الدخان الأبيض" إلى بلدهم، وهو الذي لفّه "السواد" من كلّ الجهات، والذي يبشّر سياسيوه بـ"المزيد من السواد" خلال الآتي من الأيام، خصوصا عشية انتخابات نيابية "مفترضة" يبدو أنّ قرار "تطييرها" اتّخذ على أعلى المستويات، وإن لم يُعلن بعد، وما "المماطلة" في إقرار قانون انتخابي سوى خير دليل على ذلك..