خلال الأسبوع الماضي، قضى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ثلاثة أيام في لبنان على حساب الدولة اللبنانية. خلال 72 ساعة التقى عباس معظم القوى السياسية اللبنانية. حتى «القوات اللبنانية» أرسلت وفداً للاجتماع به. بالطبع لن تحسّن هذه الزيارة العلاقة القواتية الفلسطينية. كان اللقاء «للصورة» فقط كما يقول أحد قادة منظمة التحرير. وإذا سئل مسؤولو الفصائل ماذا فعل أبو مازن في لبنان؟ يعيد بعضهم تكرار المعزوفة نفسها بعد كل زيارة يقوم بها عباس لبيروت: «وضع السياسة العامة التي يجب علينا اتباعها مع المجتمع اللبناني»، يجيب مسؤول في حركة «فتح». الأكيد أن عباس كان بإمكانه إبلاغ مسؤولي «فتح» والمنظمة بالسياسة العامة التي يجب اتباعها عبر الهاتف، وإذا اضطر الأمر بإمكانه أيضاً إرسال «مسؤول الساحة اللبنانية» عزام الأحمد. لكن عباس قرر المجيء بنفسه بعدما تلقى دعوة رسمية من رئيس الجمهورية ميشال سليمان. برغم مجيئه ولقائه القوى اللبنانية، إلا أن الدعوة على أرض الواقع لم تترجم إلى شيء. لا الحقوق المدنية عادت إلى الفلسطينيين، ولم يفك الحصار عن المخيمات، ولا تحسنت أوضاع النازحين الفلسطينيين من المخيمات السورية. كل ما في الأمر أن عباس جاء في توقيت ممتاز، وذلك بعد أحداث عبرا، وأن اللبنانيين سمعوا من رأس الهرم الفلسطيني أن «اللاجئين لن يشاركوا في أي عمل أمني ضد لبنان»، وأن «السلاح داخل المخيمات هو تحت سلطة الدولة». ويقول أحد الذين التقوا «أبو مازن» إن «الرئيس اللبناني ضعيف ويريد القول إنه حاضر على الساحة السياسية، كذلك الأمر بالنسبة إلى عباس الذي أراد القول للأميركيين إنه حاضر، وذلك بعد فشل المفاوضات في الأردن مع وزير الخارجية الأميركية جون كيري». يضيف: «الزيارة كانت جيدة لشخصين فقط، سليمان وعباس. أما على الأرض، فهي لم تغير شيئاً». بالنسبة إلى مخيم عين الحلوة، فإن التواصل بين الفصائل والقوى الإسلامية قائم من قبل زيارة عباس. وفي لقائه مع الفصائل في السفارة الفلسطينية بحضور القوى الإسلامية «أثنى عباس على هذا التواصل»، كما ينقل أحد الحاضرين. ويشير إلى أن عباس «أكد ضرورة بقائه لتجنيب المخيمات الأحداث التي من الممكن أن تقع في لبنان». يسخر الرجل من كلام أبو مازن قائلاً: «لسنا بحاجة لأحد ليقول لنا ماذا يجب فعله من أجل الحفظ على أمن المخيمات». ويضيف أن عباس «سمع من المسؤولين اللبنانيين كيف أننا جنبنا مخيم عين الحلوة وصيدا الكثير بمنعنا مشاركة الفلسطينيين في القتال، وخلال لقائه بنا كان الحديث عن المفاوضات أطول من الحديث عن الوضع الأمني في المخيمات».

هي، إذن، زيارة أخرى «بلا نتيجة». ففي الزيارة الماضية، منذ عام تقريباً، كان من المفترض أن يضع عباس اللمسات الأخيرة على توحيد الأذرع العسكرية لمنظمة التحرير، لكن «تجري الرياح بما لا تشتهي سفن عباس»، يقول مسؤول فتحاوي، موضحاً أن الخلافات داخل «فتح» نفسها هي التي منعت توحيد الأذرع. يضيف: «يجب على أبو مازن تخصيص الزيارة المقبلة لحل مشاكل البيت الداخلي لحركة فتح»، مشيراً إلى أنه «إذا حلّت هذه المشاكل حينها ستحل مشاكل المخيمات في لبنان». ويقول أحد قادة فتح إن «أبو مازن خلال اجتماعه بمسؤولي فتح لم يدعنا نطرح الأسئلة عليه، أسمعنا أننا يجب المحافظة على المخيمات وإبعادها عن نار الفتنة، لكنه لم يدعنا نسأل كيف».

هكذا، جاء أبو مازن ورحل وفي العام المقبل سيأتي ويرحل أيضاً ولن تغير زياراته المتكررة أي شيء من الواقع اللبناني أو الفلسطيني في لبنان، وكما يلخص أحد مسؤولي تحالف القوى فإن «وضع الفلسطينيين في لبنان يحتاج إلى قرار إقليمي ودولي أكبر من قدرة عباس على اتخاذه».