اختار أنصار تيار المستقبل في المجلس الإسلامي الشرعي، الممدّدة ولايته، ساحة جديدة لصراعهم مع مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني. فبعد لجوئهم الى القضاء (الدعوى المرفوعة ضد المفتي أمام المحكمة الشرعية)، والشارع (إشكال عيد الأضحى في الطريق الجديدة بين أنصار المستقبل والمفتي)، أصبحت ساحة المعركة هذه المرة المساجد، وتحديداً مسجد محمد الأمين في وسط بيروت. إذ اختار المجلس، المنتهية ولايته، إحدى قاعات المسجد لعقد اجتماعه الدوري فيه. بالطبع للمكان رمزيته، فمن بناه هو الرئيس الراحل رفيق الحريري. هذه الخاصية بالنسبة إلى أنصار دار الإفتاء لا تعني أنه يمكن أعضاء المجلس الشرعي القيام بما يريدون في المكان «إذ إن الأرض تابعة للوقف، حتى ولو كان الرئيس الشهيد قد بنى الجامع فذلك لا يعني أنه ملك لتيار المستقبل»، يقول المدير العام للأوقاف الإسلامية الشيخ هشام خليفة في اتصال مع «الأخبار». معركة الجوامع التي يخوضها اليوم أنصار المستقبل في المجلس الشرعي ضد المفتي ودار الإفتاء ليست الأولى. في السنوات الماضية، وقع الخلاف نفسه بين دار الإفتاء و«جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» (الأحباش). حينها سيطرت «الجمعية» على عدد من الجوامع. في تلك الفترة، لم تصطدم دار الفتوى بالأحباش ولم ترسل القوى الأمنية لطردهم منها. قد تتكرر هذه الحالة اليوم في حال مضيّ أعضاء المجلس الممددة ولايتهم بتوجههم لعقد الاجتماع في مسجد الأمين. قد يعقدون اجتماعهم بهدوء من دون أي إشكال يذكر، ثم قد يصدرون بياناً ضد المفتي والمجلس الشرعي الجديد. لكنهم بهذه الخطوة «سيفتحون الباب أمام الأحزاب الأخرى للقيام بالخطوة نفسها، قد تطلب الجماعة الإسلامية مثلاً عقد اجتماع لها في جامع ما، حينها لن يكون بإمكاننا رفض طلبها بسبب خطوة تيار المستقبل»، يقول أحد مسؤولي دار الفتوى. ويعتبر مقربون من المفتي خطوة التيار الأزرق هذه بمثابة «افتعال إشكال دون سبب مع الأوقاف». ويقول مسؤول في الدار إن «أعضاء المجلس يستقوون بقرار رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي سمح لهم بالاجتماع في المسجد».

من جهتها، نفت مصادر ميقاتي لـ«الأخبار» أن يكون «الرئيس قد وافق على اجتماعهم في المسجد، فهو كعادته لم يقبل أو يرفض هذه الخطوة، ببساطة لم يعلّق عليها». ويؤكد المصدر أنه «يحق لأعضاء المجلس الاجتماع في أي مسجد يريدون». وعن القول إن مثل هذه الخطوة ستسمح للسلفيين والجماعات الإسلامية الأخرى بالسيطرة على بعض الجوامع بالقوة، يقول المصدر «هؤلاء ليسوا سلفيين، وهم تابعون للحكومة». أما بالنسبة إلى الأوقاف، فيقول مديرها الشيخ خليفة إن «المعنيين أبلغوا رفض كل من الأوقاف، ورئيس «لجنة مسجد محمد الأمين» الشيخ أمين الكردي لمثل هذه الخطوة. لكننا لا نستطيع منعهم في حال أرادوا الدخول». يؤكد خليفة مجدداً رفضه لهذه الخطوة لأنها «ستفتح الباب لكل جماعة تملك حيثية صغيرة أو كبيرة بالسيطرة على جوامع منطقتها». ويضيف: «مثل هذه الأفعال هي التي أدّت الى الفلتان الحاصل في بعض المساجد».