الى مائدة في مطعم ايطالي هادئ في فندق شيراتون في الكويت، تحدث رئيس مجلس النواب نبيه بري مساء أول من أمس بعد يوم حكومي شاق وطويل عن الدقائق والاتصالات الأخيرة التي سبقت الاعلان عن حكومة الرئيس تمام سلام. وللمرة الاولى يحصل الوزراء على الصورة التذكارية بعد دقائق على تلاوة مراسيم تعيينها بدل الانتظار الى اليوم التالي.

بعد منتصف ليل الجمعة - السبت تلقى بري اتصالا من سلام يطلب منه المسارعة والدعم "لانتاج" التشكيلة الحكومية قبل سفر الأول الى الكويت، وخصوصا بعد ارسال اشارات من عين التينة ان بري لن يؤجل هذه المرة زيارته "والا ستنتظرون سبعة أيام لأعود الى بيروت".

ودفع إلحاح بري الرئيس سعد الحريري أيضا الى الاتصال بأحد المقربين من رئيس المجلس وسؤاله: هل أبو مصطفى سيسافر غدا وفي هذه السرعة وفي طائرة من أخبرني". "ورد عليه الصديق المشترك: "دولة الرئيس لن يتراجع عن سفره ولديه مواعيد مع أمير الكويت وعدد من المسؤولين في هذا البلد". الجواب نفسه سمعه سلام من بري.

سلام: هل في الامكان ان تبقى في بيروت لساعات أطول؟

بري: تمام بك، يا صديقي، لن انتظر أكثر من الساعة 12 ظهرا، وانطلق بعدها الى المطار.

وفي صبيحة السبت، توجه سلام الى قصر بعبدا للقاء سليمان وجوجلة الاسماء، بعدها حضر بري للاطلاع على التشكيلة والاسماء التي أسقطت على الحقائب. ابدى رئيس المجلس بعض الملاحظات. وسجل أولا لسليمان اختياره امرأة وتوزيرها هي القاضي أليس شبطيني". و"هنأته على هذا الخيار، لان من حق النساء اللبنانيات ان يتمثلن في الحكومات. ولننظر الى تجربة تونس ونتعلم منها".

ويقول ان سليمان وسلام توقفا عند ملاحظاته وليس جميعها، من نوع اختصاص الوزير والحقيبة التي يتولاها. وفي النهاية كانت المصلحة السياسية عند كل طرف هي التي تدفع الى اختيار الاسماء وتوزيع الحقائب.

ويتحدث رئيس المجلس في هذا الصدد من الكويت عن انه لو كانت الحكومة مؤلفة من التقنيين، لكان في الامكان ان يعين الطبيب في وزارة الصحة والمحامي في وزارة العدل على سبيل المثال. اما حكومة سلام فهي سياسية وليست حيادية.

وما يأمله هو عدم حصول مشاكل فيها. ولا يعتقد بري ان ستنشأ فيها أزمات "انشالله" بحجم التي كانت تحصل في حكومة اللون الواحد، في اشارة منه الى حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

من جهة أخرى لا يحبذ بري الدخول في من انتصر او من خسر في هذه الحكومة، "لأن المهم أن يربح لبنان وشعبه".

وردا على القائلين ان جمهور 8 آذار شعر بـ"الظلم" من التشكيلة التي خرجت بعد هذا الشريط من الشروط والخلافات، يجيب: "في المقابل سمعت ان قوى 14 اذار تنازلت أكثر مما نالت من نوع انها حصلت على حقيبة سيادية واحدة (الداخلية) وتسلم 8 آذار حقيبتين (الخارجية والمال) وذهاب وزارة الدفاع الى الرئيس سليمان".

ولم يدخل بري في ساعات "عز المشاورات" في الوجوه التي سيسميها افرقاء 14 آذار ولا سيما "تيار المستقبل"، لان الرئيس فؤاد السنيورة كان قد فاتحه في هذا الموضوع. وسأله: "لماذا يجري التدخل في الوجوه التي نختارها، ولا نعترض في الوقت نفسه على الاسماء التي تختارونها أنتم في 8 آذار، ولماذا تضعون فيتو على اسم ريفي".

يقول بري هنا انه لم يتدخل في اسماء الفريق الآخر. ويؤكد ان ثمة توازنا في الحقائب الخدماتية الموازنة بين الفريقين. ويتمني من جهة أخرى ألا يغرق الوزراء في البيان الوزاري لأن عمر الحكومة سيمتد الى 25 أيار المقبل، "ومن جهتي سأعمل من أجل الاسراع في اقرار قانون الانتخاب في أقرب وقت ممكن واجراء هذا الاستحقاق في موعده في تشرين الثاني المقبل".

من جهة أخرى، وبعد تطرق الحريري الى بري في خطابه الأخير، أجرى الثاني اتصالا بالاول بعد قراءته مضمون الخطاب وقال له: "أنت قلت لي ان ثمة أمورا كثيرة يمكن ان تناقشها معي وستطرحها علي، لكنك تغلب العمل على السعي الى سحب عناصر حزب الله من سوريا. جوابي عليك يا شيخ سعد ان تعكس الآية وتطلب مني تحقيق كل الطلبات الاخرى. وتترك طلبك الأخير مني وهو ليس بسيطا الى هذه الدرجة".

فردّ عليه الحريري: "أنا جدي في هذا الموضوع يا دولة الرئيس".

وأجابه بري في نهاية الاتصال: "وأنا جدي أيضا والى اللقاء".

ومن الحريري الى ميقاتي الذي اتصل برئيس المجلس بعد تشكيل الحكومة، وسألت "النهار" بري ماذا قلت لصديقك ميقاتي أيضا الذي ودع السرايا الحكومية، فأجاب ضاحكا: "قدمت له التعازي".