أصدر مجلس الأمن الدولي يوم السبت 22 02 2014 القرار 2139، وهو القرار الخاص بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة في سورية.

كثيرة هي القرارت التي صدرت عن مجلس الأمن في ما يتعلق بالأزمة السورية، وجاءت الفقرة الأولى من ديباجة القرار 2139 على ذكرها، ولا شيء جديد في هذا الأمر، ولكن الملفت هذه المرة في القرار أنه في الفقرة العاملة 14 منه يذكر للمرة الأولى أن ثمة إرهاب في سورية، وكذلك «تنظيم القاعدة» التنظيم الإرهابي العالمي، والمنظمات الأخرى التي تقوم بأعمال إرهابية، في الوقت الذي كانت فيه دول كثيرة تنكر وجود منظمات إرهابية تُدعم من دول معروفة الاتجاه والنوايا.

كذلك جاء في الفقرة الثانية من ديباجة القرار أنّ مجلس الأمن حريص على سيادة سورية، ووحدة سورية، وسلامة أراضيها واستقلالها السياسي. إنّ ذكر سيادة الدول وإنْ كان أمر اعتاده مجلس الأمن في كلّ قرار يصدره، فإنّ وجود الإرهاب هذه المرة في القرار ذاته يجعل الأمر مختلفاً، ويعطي للقرار 2139 أهمية أكبر من تلك القرارات التي صدرت سابقاً.

أن يأتي قرار مجلس الأمن بعد ثلاث سنوات من الحرب على سورية على ذكر أنّ سورية تتعرّض للإرهاب فإنّ ذلك يعني أنّ الدبلوماسية السورية وحلفاء الدولة السورية نجحوا في إقناع الأمم المتحدة بأن انتشار خطر الإرهاب أصبح داهماً، ويهدّد جميع الدول وفي مقدمتها الدول الداعمة للإرهاب، وأنه قد بات لزاماً على منظمة الأمم المتحدة أن تتخذ خطوات ولو كانت نظرية لمحاربته، وقد تتمثل أولى هذه الخطوات في صدور القرار 2139.

من الناحية السياسية، ما لم يمكن تحققه في محادثات جنيف في الجولتين الأولى والثانية قد تحقق في مجلس الأمن، فإعلان المبادئ الذي تقدم به وفد الحكومة السورية في الجولة الأولى من المحادثات في 27 01 2014 يشتمل القرار 2139 على أهم ما جاء فيه، لا سيما الفقرة 1 منه التي تؤكد سيادة سورية، والفقرة 4 منه أيضاً التي تؤكد رفض الإرهاب ومكافحته، كأولوية على مناقشة أي أمر آخر، وهذا ما يفسّر موافقة الحليفين الروسي والصيني على صدور القرار، وكذلك ترحيب الخارجية السورية به، والذي اعتبرته «خطوة في الاتجاه الصحيح»، وتأكيدها التعاون مع الأمم المتحدة لتطبيقه.

الجديد في هذا القرار أيضاً، أنه يخاطب المجموعات المسلحة كطرف يجب أن يعمل على تسهيل إدخال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ولكن ما يضعف هذا القرار أنه لا يمكنه إجبار المجموعات المسلحة على إدخال المساعدات الإنسانية في حال عرقلت دخولها إلى المناطق المحاصرة. كذلك، لا يجبر القرار الحكومة السورية على إدخال المساعدات في ظلّ وجود عقبات تضعها المجموعات المسلحة وإنْ حمّل القرار الحكومة السورية مسؤولية حماية المدنيين، ولا قيمة في هذا الشأن لإمكان «اتخاذ إجراءات إضافية في حال عدم تطبيق هذا القرار»، كما تنص الفقرة 17 من القرار ذاته، وتحميل الحكومة السورية عدم إيصال المساعدات، لأنّ مجلس الأمن سيكون في حاجة لقرار جديد يصدر من دون اعتراض روسيا والصين.

إنّ القرار 2139 هو ما عملت الحكومة السورية على تحقيقه في مباحثات جنيف 2، بشكل أو بآخر، ولا يصحّ اعتقاد البعض هنا أنّ روسيا والصين بموافقتها على القرار بدأت بتبديل موقفها من الأزمة السورية، ولا يعني أنّ القرار يمهّد لـ»التدخل الإنساني في سورية» على غرار ما حصل في ليبيا، بل هو خطوة متقدمة تسجّل للنظام العالمي الجديد السائر نحو التعددية القطبية، والذي لم يكتمل بعد بل هو في طور التبلور.

باحث في الشؤون الدولية

للمزيد من الاطلاع يمكن مراجعة نصّ القرار على الرابط التالي:

http: www.scribd.com

doc 208576376 UN-Security-Council-Resolution-2139-Arabic