غاب مشروع "فؤاد بطرس" سبعين عاما ليطل برأسه مجددا معلنا انطلاق جولة جديدة من الحرب بين المجتمع المدني من جهة و​بلدية بيروت​ مدعومة من مجلس الانماء والاعمار من جهة ثانية. مشروع شق الطريق السريع او ما يعرف بمشروع "فؤاد بطرس" الذي يبدأ من منطقة "السبينيس" الى شركة الكهرباء وصولاً لمدرسة الحكمة ليصل اخيرا الى مار مخايل. طُرح العام الماضي وتم تجميده بعد ضغوط مارسها المجتمع المدني والاهالي ونواب منطقة الاشرفية، ليعود مجددا هذا العام مع تحديد استملاكات جديدة وبدء شركة "الارض" الاعداد لتقرير سيتضمن الاثار الايجابية والسلبية له وسيتحدد على اساسه المباشرة به ام توقيفه.

يتحرك "الائتلاف المدني" اليوم وغدا في اعتصامين يبدأهما في حي مار مخايل وينهيهما في حي الحكمة خلف مبنى مطرانية بيروت للموارنة، مطالبا بالغاء مشروع "فؤاد بطرس". وفي هذا السياق يتخوف رئيس بلدية بيروت ​بلال حمد​ من ان تكون السياسة هي الدافع لهذا التحرك، مشيرا الى ان الجميع ارتضى ان تكون شركة "الارض" صاحبة القرار في موضوع المباشرة بالمشروع من عدمها. ويقول في حديث لـ"النشرة": "كلف مجلس الانماء والاعمار شركة استشارية مستقلة للقيام باعداد تقرير عن ايجابيات وسلبيات المشروع على التراث والبيئة والسير والمواطنين، على ان تأخذ الشركة بأراء جميع المعنيين بالامر من مجتمع مدني الى اهالي المنطقة والمتضررين"، لافتا الى ان البلدية ستلتزم بقرارات هذه الشركة.

من جهته يرى المنسق العام للائتلاف المدني وتحرك اليوم، ​رجا نجيم​ ان تكليف شركة ما لتقييم الاثار المترتبة على المشروع كان يجب ان يتم العام الماضي تاريخ صدور مرسوم تقييم الاثر البيئي. ويقول نجيم في حديث لـ"النشرة": "اذا قالت البلدية بأنها تنتظر قرار الشركة الاستشارية قبل تنفيذ المشروع فلماذا اجرت استملاكات جديدة"، معتبرا ان هذا الامر مخالف للقوانين وان التحرك هو بمثابة اخبار للنيابة العامة وللتفتيش المركزي من اجل وضع اليد على هذا المشروع "المهترىء". ويضيف: "قبل الاقدام على اي شيء يجب ان يقوم مجلس الانماء والاعمار بالغاء مفاعيل اي استملاك جديد حصل، والغاء عقود التلزيم التي اجريت وانتظار قرار الشركة الاستشارية على الاقل لان القانون واضح بهذا الخصوص وهو ينص على سجن وتغريم كل من يبدأ بمشروع قبل صدور نتيجة تقييم الاثر البيئي".

وفي سياق الحديث، يشير حمد الى ان الاستملاكات القديمة قد دُفعت في السبعينيات وبالتالي لا يستطيع من يسكن في منزله الان بشكل مخالف للقوانين ان يطالب بأموال جديدة. ويتابع: "لقد اجرينا تعديلات على المشروع ليتماشى مع وقتنا الحالي وسنُجري استملاكات جديدة بحيث تقوم اللجنة المعنية بتحديد قيمتها ودفعها كاملة لصالح اصحاب الحق". اما نجيم فيرى من ناحيته ان الاستملاكات التي جرت قديما تقدر بنحو 14 الف م.م. في حين أن الجديدة والناتجة عن التعديل البسيط حسب ما يقولون فتقدر بحوالي 13 الف م. م.". ويضيف: "دون الدخول فيما تم دفعه قديما نظرا لوجود دعاوى قضائية في هذا الموضوع، رصدت بلدية بيروت 33 مليون دولار للاستملاكات الجديدة بينما تكلفتها الحقيقية وفق حساباتنا التي قمنا بها تصل لحدود 110 ملايين دولار لتصل بذلك تكلفة المشروع الى حوالي 150 كليون دولار، وكل ذلك من اجل طريق داخل المدينة".

انا مهندس وفي صلب المجتمع المدني، ولم آت من العصور الحجرية، هكذا ختم رئيس بلدية بيروت حديثه، مؤكدا ان التحرك السلمي حق من حقوق المواطنين، اما نجيم فيختم بالتأكيد على استمرار الدفاع عن حقوق اللبنانيين.

اذا تحتدم اليوم الحرب مجددا بين المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية حول مشاريع يرى فيها الفريق الاول سرقة وتزويرا وتدميرا للتراث واذية للمواطنين، ويعتبرها الفريق الثاني مفيدة وضرورية لحل ازمة السير او غيرها من الازمات في لبنان.