اشتعلت الأوضاع في قطاع غزة بشكل سريع، مع شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة من الغارات على مواقع تدريب تتبع لـ"​سرايا القدس​" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، و"كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، و"ألوية الناصر" الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية، وذلك بعد قصف السرايا البلدات المحتلة بأكثر من 130 صاروخاً في عملية أطلقت عليها "كسر الصمت" رداً على اغتيال إسرائيل لثلاثة من عناصرها تصدوا لتوغل إسرائيلي جنوب قطاع غزة.

وفي انتظار ما سينتج عن الاجتماع العاجل لمجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر، الذي دعا إلى عقده رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو لتدارس سبل الرد على ما وصفه بالتصعيد الأخير من غزة، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة ولا سيما إمكانية فتح جبهة جديدة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، رغم استبعاد محللين ذلك.

تكتيك معتاد

وفي هذا السياق، اعتبر الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم أنّ ما حدث يأتي في إطار التهديدات الاسرائيلية التي لم تلقَ ردود الأفعال الفلسطينية المناسبة، رداً على الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها إسرائيل خلال الأشهر الماضية في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

واستبعد إبراهيم، في حديث لـ"النشرة"، فتح جبهة جديدة بين إسرائيل و فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة، إذا استمر التصعيد، لافتاً إلى أنّ كلّ ما يحصل بمثابة تكتيك محسوب ومعتاد من قبل الجانبين، وفقاً لمفهوم الهدوء مقابل الهدوء، والتصعيد بالتصعيد.

وأوضح أنّ إسرائيل هي التي بدأت عبر اغتيال مقاومي سرايا القدس، فقامت الأخيرة بالردّ على جرائمها "بعد أن تجرأت على الدم الفلسطيني". وتابع: "إسرائيل تريد أن تقول أنها مستعدة لأن يدفع الفلسطيني الثمن باهظاً، حتى إن كلف الأمر الخوض في عملية رصاص مصبوب جديدة، وتحاول فرض سياسة الردع، بالتالي المقاومة ردت في أماكن محسوبة وهي تعرف ماذا تريد".

ولم يستبعد المحلل أن تستخدم إسرائيل تكتيكاتها باستغلال ما حدث للضغط على الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المفاوضات، وضعف حركة "حماس" في غزة، للعب في الساحة الفلسطينية كما تشاء.

لا بد من كسر الصمت

وفيما استبعد إبراهيم فتح جبهة جديدة بين المقاومة وإسرائيل، شدّد القيادي والمتحدث الرسمي باسم حركة "الجهاد الإسلامي" في فلسطين ​داوود شهاب​، على أن السرايا لم تكسر الصمت ثأراً لنفسها، بل دفاعاً عن أبناء الشعب الفلسطيني، الذي ارتكبت إسرائيل بحقه جرائم عديدة، وانتهكت التهدئة بأكثر من 1400 تجاوز، كانت أخطرها العودة إلى سياسة الاغتيالات.

وحمّل شهاب، في حديث لـ"النشرة"، إسرائيل مسؤولية التصعيد، مؤكداً أنه "كان لا بد من كسر الصمت، رغم أن الحركة غير معنية بالتصعيد، لكنّ الشعب الفلسطيني كله يتعرض لحرب وعدوان".

شعبنا لن يستسلم

وأوضح شهاب أن الرد سياسة مُجمع عليها فصائلياً ووطنياً، و"لسنا مطالبين كفصائل مقاومة أن نسرد آليات التواصل والتنسيق فيما بيننا، لكن هناك وحدة موقف".

وأضاف: "عدد الشهداء الذين أعدمتهم إسرائيل في الضفة وقتل القاضي الأردني وتهويد القدس وسياسة القتل البطيء ضد الأسرى والاستيطان بالضفة، وتهديدات وممارسات المستوطنين، كل هذا يستوجب كسر الصمت".

ولفت شهاب إلى أن الرد بمثابة رسالة لشعب يقاوم ولن يستسلم، ولن يقايض على حق من حقوقه وثوابته المشروعة، تحت أي ضغط وتهديد أو ابتزاز.

في الخلاصة، تبقى كلّ الاحتمالات مفتوحة، ولو شكّك المحللون والخبراء، لأنّ "كسر الصمت" لن يكون سوى "أول الغيث" في سبيل قضيةٍ يرفض الفلسطينيون أن تصبح "منسيّة" مهما كان الثمن!