لا تختلف كثيراً الدعوات المشبوهة لشرذمة الجيش اللبناني وتوزيعه على الطوائف والمذاهب، عن الدعوات المشبوهة أيضاً لإنشاء مخيمات لجوء للسوريين النازحين إلى لبنان، فالرهانات ستبقى مستمرة على مواصلة تخريب سورية، والعمل سيتواصل لإنجاز ما فشل أعداء سورية في تحقيقه خلال السنوات الثلاث المنصرمة.

الذين يحملون على الجيش ويسعون إلى تعطيل دوره الأمني في حماية البلد وأهله، معروفون من قبَل اللبنانيين بأنهم يسعون إلى أحد هدفين: إما إلى دفع الجيش إلى التغاضي عن نشاط العصابات المسلحة الآتية من سورية تحت ستار "اللجوء الإنساني"، التي بات الحديث عن وجودها الكثيف على كل شفة ولسان، خصوصاً في بعض مناطق عكار والبقاع، وإما إلى إقامة إمارة أو إمارات تكفيرية في لبنان، تستقوي بهذا الحشد السوري المسلّح، الذي سيزداد عدة وعديداً كلما فر المسلحون السوريون والأجانب عند كل انتصار يحققه الجيش العربي السوري.

أما الذين يدعون إلى إطالة إقامة اللاجئين السوريين في لبنان، من خلال "توطينهم" في مخيمات تعجز الدولة عن ضبط ما فيها، وهي التي تعجز عن ضبط سجن رومية مثلاً، هؤلاء من أصحاب الرهانات التي لا تكلّ ولا تملّ من الادعاء بأن القضاء على الدولة السورية والإطاحة بالحكم فيها بات قاب قوسين أو أدنى، وهم يسعون بكل السبل لإطالة الحرب على سورية، مهما كلف الأمر، خصوصاً أن هؤلاء الساسة، كما جرّبهم اللبنانيون، لا تعنيهم دماء اللبنانيين، فكيف بدماء السوريين، وهم دائماً يتعيشون ويتكسبون على مثل هذه الحروب والمآسي!

هؤلاء لا يأخذون العبرة من تصريح السفير الأميركي السابق في دمشق، الذي دفعه فشله في إسقاط النظام في سورية إلى التقاعد من العمل الدبلوماسي، روبرت فورد قال: "المعارضة السورية لا تحمل أجندة سورية، بل تحمل أجندات البلدان التي تدعمها".. الأميركي اعترف أخيراً أن تلك المعارضة التي يرعاها لا تحمل مشروعاً وطنياً سورياً، بل هي عميلة لمن يدفع لها ويسيّرها لتدمر بلادها.

أول رهانات تلك القوى في لبنان وسورية كان تهويل المملكة السعودية بفتح معركة من الجنوب السوري، انطلاقاً من الأردن وبدعم "إسرائيلي"، للضغط على دمشق لتقديم تنازلات سياسية من جهة، ولوقف تقدم جيشها الوطني في جبال القلمون من جهة أخرى، وأمام فشل هذا التهويل نتيجة السقوط المريع للقوى التي مولتها السعودية في القلمون، ولوجود تردد أردني في الانخراط الكامل في هذه الهجمة، كان الرهان الثاني؛ باستعمال "الخيار التركي"، عبر تدخل تركيا المفضوح إلى جانب العصابات الإرهابية القادمة عبر الأراضي التركية باتجاه الساحل السوري.

الآن، تبدو قوى 14 آذار تحمل مشروعاً واحداً مع "المعارضة" السورية؛ سمير جعجع يدعو بوضوح إلى "منع انتخاب رئيس من 8 آذار"، علماً أنه يعرف أن وصوله هو إلى قصر بعبدا من أول المستحيلات، لذلك بات تعطيل الانتخابات الرئاسية في لبنان من أولويات جعجع وحلفائه، لأن هذه الانتخابات إذا أجريت لن تكون في صالحهم.

و"المعارضة" السورية ترفض إجراء انتخابات رئاسية يقول السوريون فيها كلمتهم، لأنها لا تجد بين السوريين قبولاً فعلياً لرموزها الذين عاشوا عقوداً في أحضان الغرب وأجهزة مخابراته.

14 آذار تريد الاستفادة من سلاح التخريب المهزوم في سورية لتقوية موقفها في لبنان، الذي دخل في التوقيت القانوني للاستحقاق الرئاسي، وتريد تشريع وجود المسلحين السوريين وعائلاتهم في لبنان بإقامة مخيمات لهم، في وقت تحاول إقامة فراغ سياسي في البلاد، مقدمة لفوضى أمنية يكون لسلاح فلول "المعارضة" السورية دور أساسي فيه.

و"المعارضة" السورية تلجأ، كما فعلت طوال السنوات الثلاث الماضية، إلى القوى الخارجية، بهدف فرض معادلات داخلية، أو تقسيم سورية.

لم يعد أمام السفير فورد غير تبديل الاسم، ليطابق تصريحه عن المعارضة السورية واقع قوى الرابع عشر من آذار.