مع إقتراب موعد الإنتخابات النيابية، وعودة الحديث عن ​التمديد​ مرّة أخرى لمجلس النواب تحت حجة الفراغ الرئاسي، تعود بكركي من جديد لتدقّ ناقوس الخطر من هذه الآفة التي ضربت السياسيين في لبنان وكأننا أصبحنا في بلد القبائل والعشائر حيث لا قوانين تطبق ولا دساتير تحترم. صحيح أن بكركي قالت أكثر من مرة أنها تقبل بالتمديد لمجلس النواب، لكن هذا القبول لم يكن يوماً إلا مشروطاً بكلمة "تقني" على أن يأتي أيضاً بعد الإتفاق على قانون جديد للإنتخابات يؤمن صحة التمثيل لدى المكونات، ويحصل على توافق الأفرقاء السياسيين. أما أن يقرّ التمديد على الطريقة اللبنانية وبالشكل الذي هرّب به في الهيئة العامة، فهذا من المحرّمات.

إذاً الكنيسة غير راضية على ما حصل وما يمكن أن يتكرر تمديدياً، تقول المصادر الروحية، خصوصاً أنّ هناك مسيحيين من أهل البيت، ساهموا كل من موقعه، بهذه الجريمة النكراء التي ارتكبت بحق الدستور اللبناني ومؤسساته وبحق النظام الديمقراطي وأستمراريته. هذا الغضب الكنسي على التمديد ومؤيديه ليس من الصعب إكتشافه لدى أوساط الكنيسة خصوصاً بين المطارنة الموارنة المقربين من البطريرك مار بشاره بطرس الراعي، إذ يقول أحدهم "كان من المفضّل أن يغيب المسيحيون عن جلسة العشر دقائق التي أقرت التمديد لتسجيل موقف إعتراضي عليها وعندها تفرض المقاطعة تطييرها تحت حجة الميثاقية، وإذا كان هناك من نواب مسيحيين ينتمون الى كتل نيابية كـ"المستقبل" و"جبهة النضال الوطني" يصرون على المشاركة في الجلسة على إعتبار أنهم لم يشاركوا في إجتماعات بكركي التي عقدت على مدى سنتين للبحث بقانون الإنتخاب، كان من المفترض على نواب "الإجماع المسيحي" على الأقل، أي القوات والكتائب والمرده أن يغيبوا عن الجلسة لأن ما حصل هو العار بحدّ ذاته على صعيد العمل المؤسساتي والتمثيل المسيحي".

يومها لم يفهم بعض مسيحيي التمديد رسالة البطريرك الماروني، عندما دعاهم من بولندا الى عدم التلطّي وراء أعذار واهية لتمرير التمديد من دون الإتفاق على قانون جديد يضمن إجراء الإنتخابات، ومن فهم منهم الرسالة لم يتجاوب مع ما تحمله في طياتها من هواجس. ويتوجه المطران الى النواب المسيحيين الذين صوتوا على التمديد سائلاً "ما هي الضمانات التي حصلتم عليها من الآخرين لإجراء الإنتخابات في تشرين الثاني من العام 2014؟ ومنذ متى تجرى الإنتخابات في شهر تكون المدارس والجامعات فيه قد إنطلقت وبدأ عامها الدراسي؟ وكيف تجرى الإنتخابات في المناطق الجبلية خلال تشرين الثاني مع ما يمكن أن يحمله هذا الشهر من ظروف مناخية صعبة؟"

تكرّ السبحة والأسئلة لا تنتهي داخل كواليس "الجيش الأسود"، أما القناعة الثابتة لدى قيادته، فتفيد بأنّ غالبية الطبقة السياسية مدّدت لنفسها في مجلس النواب كي تعود في تشرين الثاني 2014 وتمدّد من جديد لفترة زمنية أخرى لتضمن بقاء المعادلة السياسية على حالها، كل ذلك تحت أعذار "الظروف الإستثنائية" وإذا كانت الطبقة السياسية تريد إثبات العكس فلتنزل الى مجلس النواب وتصوت على قانون إنتخابي جديد يعيد اللعبة السياسية الديمقراطية الى طبيعتها.

لكل ذلك سترفع بكركي الصوت عالياً في المرحلة المقبلة ضد التمديد، وستقوم بسلسلة خطوات لمواجهة هذا الخرق الدستوري.