ما بين الاجراءات الأمنية المشددة التي ينفذها ​الجيش اللبناني​ على الخط الفاصل بين ​عرسال​ وجرودها، واحتجاج بعض شبان المدينة عليها، يكمن سر الايام القليلة المقبلة مع ما ستحمله من تطورات أمنية متوقعة في ظل تحذيرات حملتها جهات دبلوماسية تدعو إلى ضرورة اخذ الحيطة والحذر لاسيما بعد الهجمة الاقليمية والدولية على "داعش" واقترابها من الحدود اللبنانية من جهة والتحولات المتسارعة على مستوى الخريطتين السياسية والعسكرية التي كانت قد تحققت في غضون الاشهر القليلة المنصرمة وكادت تؤدي الى رسم حدود ما يُسمّى بالدولة الاسلامية بشكلها النهائي على مقربة من منابع النفط من جهة ثانية.

ما يعزز هذا الاعتقاد هو ما كشفه دبلوماسي شرقي معني بمتابعة الملف الاقليمي حول اقامة مراكز جديدة ومخيمات لاستقبال المزيد من المقاتلين السوريين في الجرود المتاخمة لعرسال اضافة الى توافد العديد من عناصر التنظيم الاسلامي التكفيري المتشدد من الاراضي السورية عبر معابر تهريب تصل منطقة عسال الورد بجرد فليطا، فضلا عن وصول كميات جديدة من الاسلحة والمواد الطبية والغذائية والوقود اللازم لتحريك الاليات، ما يؤكد أنّ التنظيم المذكور يحضّر لعمل ما لكسر الحصار المضروب عليه في ظل علامات استفهام كبيرة عن دور الجيش السوري بالسماح لهذه العناصر من الدخول الى الجرد اللبناني او ان القبضة الامنية التي يفرضها لم تعد كافية لمنعهم من التوجه باتجاه الحدود اللبنانية.

غير أنّ علامة الاستفهام الاكبر تتمحور حول المحرك الاساس لشبان عرسال والهدف الحقيقي من تحريكهم في ظل اعتقاد راسخ بان حركة العبور بين المدينة والجرد مؤمنة بالكامل لاي من العمال اللبنانيين الراغبين بالعمل في المقالع والكسارات، ما يعني بان هناك مستفيدًا من تحرير المعابر وتحويلها الى معابر تهريب. بيد أنّ الارهابيين انفسهم ما زالوا على جهوزيتهم الكاملة بالرغم من الحصار ما يعني بان التهريب ما زال في ذروته والا لكانت هناك حسابات ثانية يعتمدها التكفيريون اكان على صعيد مفاوضات اطلاق العسكريين اللبنانيين ام على مستوى التعاطي الاقليمي واللبناني.

لكن المفارقة تبقى في موقف نواب البقاع الاذاريين الرافض في المضمون لاجراءات الجيش اللبناني على اعتبار ان تجربة الامن بالتراضي اثبتت فشلها الذريع في طرابلس والشمال، اضافة الى ان فتح المعابر او التخفيف من الاجراءات الامنية من شأنه تحصين موقع المسلحين على حساب لبنان وأمن اللبنانيين والجيش اللبناني، فضلا عن ان طريق عرسال من جهة البقاع مفتوحة بالكامل بحيث لا تصحّ على الاطلاق صفة الحصار في ظل الواقع الراهن لان المدينة مفتوحة على جيرانها مع الاشارة الى ان تعداد النازحين السوريين داخلها يفوق عدد سكانها ما يزيد من المحاذير الامنية والاجتماعية التي من المفترض ان يعرفها النواب كما سائر الافرقاء المعنيين.

في هذا السياق يؤكد مصدر محلي متابع أنّ الاجراءات الامنية المتخذة قد تعطي نتائج ايجابية بالنسبة لملف العسكريين لاسيما ان تشديد الحصار على الارهابيين هو واحدة من اوراق القوة التي يتحدث عنها السياسيون في حال تعاطى هؤلاء مع هذه الخطوة بالايجابية المطلوبة من خلال عدم الاعتبار بان الحصار المضروب موجه ضد اهالي عرسال والتسويق له على انه خطوة لحشرهم عوض ان تكون لمصلحة امنهم المهتز والمعرض للانتكاسة في اي لحظة، خصوصا اذا ما ساعدت برودة الطقس على تقديم المواعيد المفترضة لفتح الجبهات، فصحيح ان عامل الارض يلعب الى جانب المسلحين نظرا الى المساحة الجغرافية الواسعة التي يتحرك فيها الارهابيّون من جهة ولمعايشتهم حرب الجرود من جهة ثانية الا ان عوامل الطبيعة معطوفة على الغطاء السياسي قد تقلب المشهد رأسا على عقب.