بالرغم من أنّ الحوار بين "حزب الله" من جهة و"تيار المستقبل" من جهة ثانية يسير وفق ما هو مرسوم له، تتريث أوساط متابعة في إعلان تفاؤلها بنتائجه بانتظار ما ستحمله الايام القليلة المقبلة على صعيد اللقاء المرتقب بين رئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، باعتبار أنّ الحوار الذي بدأ من عين التينة بات يرتبط بالكامل بما سينتج عن لقاء الرابية. وإذا كان هذان الحواران الثنائيان لا يؤسسان لتكريس أمر واقع جديد، فإنّ المراقبين ينظرون بحذر لموقف الإسلاميين منهما، خصوصًا أنّهم يرفضون هذا المسار الحواري جملة وتفصيلاً، كما أنهم قادرون على خربطة نتائجهما انطلاقاً من الشارع.

عمومًا، يعرب قيادي محسوب على "تيار المستقبل" عن تفاؤله الحذر بنتائج اللقاءات مع "حزب الله" لا سيما أنّ المواضيع المطروحة بدأت تتعدّى موضوع رئاسة الجمهورية لتصل إلى حدود جدية تنفيس الاحتقان في الشارع، في ظلّ قناعة بدأت تتولد لدى الفريقين المعنيين خلاصتها أنّ الحسم السياسي أو العسكري هو من المستحيلات، وبالتالي فإنّ الوضع القائم هو كناية عن صراع يستنزفهما ليزيد من نقاط خصمهما المشترك المتمثل بالجماعات التكفيرية، "فصحيح أنّ تيار المستقبل دعم في وقت من الاوقات هذه التنظيمات ولكنه بدأ يدرك خطورتها عليه وعلى شارعه بعد أن خرجت عن سيطرته وتحولت الى خلايا لا توفر احدا ولا تلتزم بأصول ولا ببروتوكولات". وبحسب القيادي نفسه، فإنّ هذه الخشية تنسحب بدورها على "حزب الله" الذي يعتبر أنّ معركته مكلفة للغاية ولا يمكن الاستئثار بنتائجها في ظل المعادلات الراهنة، ما يعني أنّ الحوار هو للضرورة وللمصلحة المشتركة التي يمكن أن تؤسّس إلى تنفيس الاحتقان ولكن دون مقاربة الحلول المستحيلة إلا إذا كانت جزءًا من حل اقليمي.

ويقارب القيادي "المستقبلي" الاتصالات بين الرابية ومعراب ليضعها في خانة اللقاءات الموازية للقاءات عين التينة، مؤكدًا أنه لو فشلت جلسة الحوار الثنائية السنية الشيعية الأولى لما كان هناك أيّ حديث عن لقاء مسيحي مسيحي، بل على العكس تمامًا فإنّ الامور كانت لتتخذ مناحي أكثر سلبية وتصعيدية في الوقت ذاته، باعتبار أنّ الاصطفافات السياسية الحادة هي التي تتحكم بمسار الامور وليس العكس، فضلا عن كون التحالفات الداخلية والخارجية لم تسقط وهي غير آيلة الى السقوط.

ويشدّد على أنّ المطلوب في هذه المرحلة هو تبريد الاجواء بصورة عامة وترحيل الازمات الى حينها تمهيدا لتقليل الخسائر، ولهذا فان هناك ما يشبه كلمة سر تسمح بحوارات جانبية تمهد لتقطيع الوقت الضائع من جهة وتحصين الساحة الداخلية من جهة ثانية، خصوصًا أنّ المعلومات الواردة من مصادر خارجية متقاطعة تؤكد أنّ البلاد مقبلة على أزمات أمنية من شأنها أن تستغل الخلافات السياسية الداخلية لنقل الصراع إلى أماكن اخرى حيث الخلايا النائمة التي أنشئت من الأساس للعب دورها غب الطلب، وبالتالي فإنّ تبريد الملفات أصبح ضرورة إقليمية لإبقاء الأمور في دائرة الضبط بانتظار ما ستحمله التحولات الاقليمية والاتصالات الدولية الكفيلة وحدها بتسيير الاستحقاقات وترتيبها وجدولتها.