ربما لو أنعم رب العالمين على عرب البترودولار بالقليل من العقل والحكمة، وحجب عنهم النذر اليسير من الذهب الأسود، لوفّر العالم العربي والإسلامي بعض الدماء المراقة على مذبح الحروب العبثية.

أليسوا هم من يشعل الحروب ويموّل الإرهاب حفاظاً على كراسيهم البالية، مع علمهم اليقين بأنها سائرة بسرعة قياسية إلى الزوال، في ظل غباء سياسي وقيادي يتحكّم بالمسارات على قاعدة شراء الدماء والضمائر وتوظيفها لشرذمة البلاد العربية التي لا تؤمن بالأنظمة القمعية، والوهابية القائمة على مبدأ الرضوخ والزحف، وإلا إلى الموت غير الرحيم؟

نظرة شاملة إلى الاوضاع في دول المنطقة الممتدة من سورية إلى اليمن مروراً بالعراق، تؤكد أن الإسراف في التدخل السعودي الوهابي في شؤون هذه الدول رفع منسوب القلق لدى الغرب، خصوصاً أن الأمور بدأت تخرج من دائرة ضبط الإيقاع، في ظل استمرار الحوار الأميركي - الإيراني من جهة، وانزعاج المملكة العجوز من تداعياته المفترضة من جهة أخرى.

غير أن بوصلة التطورات المتسارعة تنبىء بسقوط خليجي وشيك، فالحقيقة أن المحور الأميركي لا يقيم وزناً إلا لمصالحه، بعيداً عن مصالح من يعتبرونه حليفهم وحاضنهم، كما أنه يعرف جيداً أن المرحلة هي لإعادة رسم الأحجام والأوزان الدولية والإقليمية، وتالياً فإن حسابات الحقل السعودي قد لا تنطبق بالمطلق على حساب البيدر الأميركي - "الإسرائيلي"، بدليل المشهد الملتبس داخل بيت المحور السعودي الوهابي الذي فشل حتى الآن في تحقيق أي هدف استراتيجي يسمح له بإعادة التوازن المفقود، كما يحفظ له الحق المطلق بالجلوس إلى طاولة المفاوضات التي قد تلتئم في الأشهر القليلة المقبلة، وهي ستشكل امتداداً طبيعياً للاتفاق النووي الذي أعلن أصحاب الشأن عن اقتراب حسمه.

من جهة ثانية، لا بد من التوقف عند سيناريو يتحدث عنه دبلوماسي غربي يتمحور حول إمكانية لجوء "أنصار الله" والجيش اليمني إلى سياسة الرد المباشر على الاعتداءات السعودية، من خلال توجيه صليات من الصواريخ إلى الداخل السعودي، بحيث يرتفع معها الصوت السعودي، وترفع معه لائحة أسعار النفط، ويعطّل الكلام المعسول.. ألا يعني حينها أن اللعبة انطلقت بعكس ما تشتهيه ممالك النفط؟