كما كان متوقعًا، تراجعت أسهم رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية الرئاسية بعدما تبين أن كل الأجواء التي تم ضخّها حول امكانية انتخابه رئيسا للبلاد الأسبوع المقبل، مبالغ فيها، باعتبار ان التسوية التي قد تنهي عاما ونصف من الشغور الرئاسي لم تنضج بعد، وأن الطرفين المعنيين من جانب قوى "8 آذار" بالملف، اي "حزب الله" و"التيار الوطني الحر" ليسا بأجواء الطبخة التي وُضِعت على مائدتهما وكأنّ هناك من يُجبِرُهما على تناولها.
وقد ساد في الساعات القليلة الماضية جوٌ من السلبية بما يتعلق برئاسة فرنجية، وسط تأكيد مصادر مطلعة أنّ رئيس تيار "المستقبل" النائب سعد الحريري أجّل عودته الى بيروت بعد "احتراق الطبخة" التي كانت ولو نجحت ستأتي به رئيسًا للحكومة وهو ما يسعى اليه مستميتًا، خصوصًا أنّه يعاني من مشاكل مادية جدية، كما أنّه فَقَدَ في السنوات الماضية قسمًا لا يُستهان به من رصيده الشعبي، الذي تأثّر كذلك مؤخّرًا بطرحه الحليف الاستراتيجي للرئيس السوري بشار الأسد رئيسًا للجمهورية اللبنانية.
وفيما يُنتظر أن يخرق اللقاء المرتقب انعقاده اليوم بين فرنجية ورئيس تكتل "التغيير والاصلاح" العماد ميشال عون رتابة المشهد المستمرّ منذ الأسبوع الماضي، لا تعوّل مصادر في قوى "8 آذار" كثيرًا على زيارة الزعيم الزغرتاوي الى الرابية لجهة قدرتها على تحقيق أيّ تقدّمٍ يُذكَر بما يتعلق بترشيح فرنجية الرئاسي، مرجّحة أن يكون هدف زيارته للعماد عون "ترتيب رحلة العودة الى كنف تكتل التغيير والاصلاح وقوى 8 آذار بعدما تبيّن له انّه غير قادر، وبالرغم من الاتفاق الأميركي–الفرنسي–السعودي على تسميته، على القفز فوق المظلة المسيحية الداخلية، كما مظلة العماد عون، والأهمّ مظلة حزب الله التي أكّد له الحزب أنّها لن تكون من نصيبه طالما المظلة العونية غير موجودة".
ويبدو "حزب الله"، وبحسب مصادر مطلعة على موقفه، حاليًا متشدّدًا أكثر من أيّ وقت مضى، رافضا التعاطي الايجابي مع مبادرة الحريري لاقتناعه بأنّها "طبخة أميركية–فرنسية معدّة سلفًا، وبالتالي هو لن يعطي الفريق الخصم ما يريده في وقتٍ يعتبر نفسه هو الطرف الرابح والأقوى ميدانيًا". وتضيف المصادر: "الصفقة بالشكل الذي يطرحونه، أي فرنجية رئيسًا للجمهورية والحريري رئيسًا للحكومة من دون تفاهماتٍ أخرى، لن تمرّ تمامًا كما أيّ تسوية أخرى تخرج عن منطق الصفقة الشاملة التي كان قد تحدث عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله".
وتعتبر المصادر أنّ "سقوط التسوية الحالية لا يعني اعادة اغلاق الباب الرئاسي لأجل غير مسمى، نظرا لكون الامور تحركت وهي لن تهدأ فجأة"، متحدثة عن "احتمال البحث عن تسوية جديدة بعيدًا عن شروط الحريري ووفق شروط ميدان المنطقة". وتضيف: "يمكن البناء على لقاء وطني داخلي ينتج هذه التسوية، أو سيكون علينا الانتظار ما بين ثلاثة وأربعة أشهر حتى يحصل اتفاق دولي-اقليمي فيُطلب منا سريعًا ترتيب الوضع اللبناني الداخلي".
بالمحصلة، تشير كل المعطيات الى "فشل مدوّ" بتمرير تسوية تأتي بالثنائي فرنجية-الحريري الى الحكم، وهو ما كانت تعوّل عليه عواصم دولية كبيرة، فيما يُنتظر أن يتضح في الساعات القليلة المقبلة حجم الخسائر التي مني بها فريقا "8 و14 آذار" على حد سواء نتيجة الحراك الأخير، كما حجم المكاسب التي حققها مرشحون رئاسيون آخرون (علمًا أنّ عددهم أصبح محدودًا جدًا ولا يتخطى الثلاثة)، والذين ينطبق عليهم حاليًا المثل القائل "مصائب قوم عند قوم فوائد".