أكثر من عاصف كان الإجتماع الأخير لـ "​كتلة المستقبل​" النيابية، وأكثر من سجال فتح خلاله بين جناحي رئيس الكتلة فؤاد السنيورة ورئيس التيار ​سعد الحريري​. أما القاسم المشترك بين كل هذه السجالات فيمكن إختصاره بعنوان واحد ألا وهو "حزب الله".

وكأن السنيورة لم يكن يصدق كيف صبّت التطورات السعودية من جديد لمصلحته، وكيف أعاد إعدام المملكة للشيخ نمر باقر النمر التوتر الى ذروته بين التيار الأزرق و"حزب الله"، كل ذلك للإنقضاض على كل ما يسمى حوار مع الحزب، والتذكير بكل التحذيرات السابقة التي وجهها هؤلاء داخل التيار لزملائهم المحسوبين على الحريري، ومن دون نتيجة أو تجاوب.

هجوم الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله على المملكة العربية السعودية، وما تلاه من قصف لشخص الحريري وبالعيارات الثقيلة من قِبَل رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، شكّلا بطبيعة الحال المادتين الأساسيتين لمحور إجتماع الكتلة الزرقاء، تقول المصادر المشاركة. وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أنّ "مهاجمة الحزب في الإعلام كانت من الممنوعات خلال الأسابيع القليلة الماضية، أما اليوم فصارت من الأمور المطلوبة وأكثر من أي وقت مضى".

في الإجتماع المذكور، هناك بين النواب المحسوبين على السنيورة، من ذكّر بأن الحظر الذي فُرِض على قيادات التيار بعدم مهاجمة "حزب الله"، والرجوع عنه بفعل التطورات، بات للأسف من الأمور التي تتكرر، وللدلالة قد تكون ​عاصفة الحزم​ السعودية في اليمن، الدليل القاطع على تكرار السيناريو الذي يحصل اليوم بين التيار والحزب، سيناريو وقف الهجوم والمهادنة الى حين انتقاد السيد نصرالله المملكة وبلهجة نارية لا يمكن للحريري أو غيره أن يتحملها، عندها يصبح كل كلام مسموحاً، والضرورات تبيح المحظورات، وصولاً الى درجة المزايدة بين هذا الجناح وذاك، حول من يهاجم الحزب وسيده أكثر من الآخر.

في محاذاة هذا الرأي، هناك بين النواب من جاء الى الإجتماع وبجعبته عتب على قيادته إذ قال، "ليس من باب الشماتة، ولكن لا بدّ من التذكير بأننا عندما كنا نعترض على الحوار مع الحزب ونهاجمه، كانت الدنيا تقوم ولا تقعد ضدنا داخل إجتماعات الكتلة، وفي الجلسات الحزبية، وكانت الإتصالات تنهال على هواتفنا الخلوية من خارج الحدود وداخلها لتهدئة الوضع، يومها كنا على قناعة بأن الحوار ليس إلا تمثيلية يجب علينا أن نلعب أدوارها على مسرح عين التينة، وها هي أحداث اليمن بالأمس والسعودية اليوم، تثبت بما لا يقبل الشك صوابية رأينا بهذا الحوار".

بالنسبة الى هؤلاء، "لم يكن إنتظار إعدام النمر للتعاطي مع الحزب بهذه الطريقة في محله، خصوصاً ان نتائج محاورته معروفة سلفاً والدليل مقررات طاولتي الحوار الوطني في عين التينة والقصر الجمهوري، التي لم يتم تطبيق ولو بند واحد منها". ويقولون "إن طاولة الحوار مع حزب الله تعطي الأخير وسلاحه ولو بطريقة غير مباشرة، الغطاء الشرعي لكل ما يقوم به أكان في لبنان أم في سوريا، كل ذلك من دون أن يستفيد تيار المستقبل سياسياً من هذه الخطوة، ومن دون أن يقدم الحزب تنازلاً واحداً من الأمور والقضايا التي يعتبرها مسلمات".

عاصفة السنيورة التي هبت داخل الإجتماع الأخير للكتلة الزرقاء، لم تنس لـ"حزب الله" طريقة تعاطيه مع مبادرة الحريري الرئاسية القائلة بتبني رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، وكيف أن الحريري أقدم على خيار مبني على سلسلة تناقضات، مسبباً لنفسه أكثر من مشكلة مع قاعدته الشعبية وحلفائه في قوى الرابع عشر من آذار، وعلى رغم كل ذلك رفض الحزب خيار الحريري ودفع الأخير ثمن هذا الرفض.

في النتيجة، لم تفرض هذه العاصفة التي وتّرت الأجواء داخل البيت الواحد أكثر من أيّ وقت مضى، إتخاذ قرار بوقف الحوار مع الحزب، وبما أن التصعيد مستمر، يطرح السؤال، هل يراهن السنيورة وفريقه على حدث اقليمي آخر كإعدام النمر أو على تطور داخلي لقطع شعرة معاوية بين الضاحية وبيت الوسط؟