بالمعايدة والرجاء بسنة أفضل، إفتتح رئيس مجلس النواب نبيه برّي جلسة الحوار الوطني الـ13 أمس، مشرّعاً سنة الحوار الجديدة بالدعاء لشبح الفتنة بالاختفاء، من دون أن ينفخ أحد من أبناء الوطن في بوقه.

معايدة وأمنية طبق الأصل تلاها رئيس الحكومة تمام سلام على مسامع المتحاورين، متمنياً تجاوز لبنان المطبّات التي تعصف بالمنطقة.

وما بعد «إتيكيت» المعايدة وأدبياتها، اجتاز الرئيس فؤاد السنيورة عتبة المجاملات الى خط الملاحظات، مسجّلاً ملاحظتين أمام الحاضرين على رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، الأولى تتعلق بتصريح رعد الاخير الذي لاقى سيلاً من الردود، والثانية سجّلها في مرمى المقاومة

من بوّابة وزير الخارجية جبران باسيل الذي أثنى السنيورة على موقفه المنسق مع سلام في اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ في القاهرة، غير أنه تمنى لو اكتفى بالموقف داخل أروقة مجلس جامعة الدول العربية، مسجّلاً عتباً على التصريحات التي كرّر فيها باسيل تبريره لموقف لبنان تجاه ايران». فالسنيورة رأى في تصريحات باسيل التبريرية «لزوم ما لا يلزم».

امّا الرسالة الاساس في كلمة السنيورة، فوجّهها سهماً مباشراً الى صدر الكلام الاخير لرعد عن «قطع الطريق» على عودة الرئيس سعد الحريري، والتي وجد فيها رئيس كتلة «المستقبل» تهديداً مباشراً من زميله رعد لرئيس حزبه سعد الحريري.

وبعَيد كلمة السنيورة التي آزرها النائب بطرس حرب مصادقاً عليها، تدخّل بري متمنياً لو اكتفى السنيورة بكلامه في صيدا عشيّة طاولة الحوار المطابق لمواصفات التهدئة أكثر من كلامه على طاولة حوار عين التينة، ومازَحه قائلاً: «لو كنت أعلم بهذا التبديل في كلامك لعقدتُ طاولة الحوار في صيدا».

وما إن ختم بري على كلام السنيورة بملاحظته المجبولة بالحرص على التهدئة، حتى أخذ رعد الكلام مخاطباً السنيورة بالمباشر، فاستعرض المحطات التي أسّست لخطابه الاخير، مكاشفاً المتحاورين بالظروف التي سبقت هذا الخطاب والذي وجد فيه بعضهم «خرقاً» لسقف الحوار الوطني.

إسترجع رعد لحظة اعدام السلطات السعودية الشيخ نمر باقر النمر وكلام الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي لقي رداً مباشراً من الحريري بعد دقائق.

بحيث كان قرار الحزب - ودائماً وفق رعد- إعتبار انّ الأمر انتهى عند كلام «الامين» وردّ «الرئيس». إلّا انّ تصريحاً عنيفاً جارحاً لوزير «المستقبل» أشرف ريفي أعاد رعد قراءته على مسامع المتحاورين كلمة، كلمة، سائلاً: «هل هذا التصريح مطابق للمواصفات الوطنية ودون سقف التهدئة»؟

مضيفاً بسؤال للسنيورة: «أتقبل بما جاء على لسان وزير تياركم من تهم وتجريح لشخص السيد حسن نصرالله؟». ثم قال: «كنّا امام خيارين: إمّا تشريع منصات الردود لوزراء الحزب ونوابه وصولاً الى أعضاء المكتب السياسي، وإمّا حسم الأمر بتصريح واحد على لسان رئيس الكتلة النيابية يُنهي الأمر عند هذا الحدّ، وهذا ما حصل من جانبنا».

ونصح رعد السنيورة بأن «يسمع بأذنيه ويرى بعينيه لا بعين واحدة»، حاسماً الأمر بأنّ خطاب نصرالله لاقاه تصريح الحريري. أمّا تصريحه (أي رعد) فإنّ رعده جاء على وقع أزيز كلام ريفي و»حدّاً» للسجال وليس «ثَقباً» لمظلّة التهدئة.

وعليه، يبدو أنّ رعد وضع النقاط على حروف السجال، تاركاً ما بعده لحوار المساء الذي عقد في عين التينة بين «حزب الله» و»المستقبل» بمناخ هادئ يعاكس العواصف على خط ايران - السعودية.

وعلى هامش طاولة الحوار، جدّدت مرجعية نيابية انّ ما كشفته «الجمهورية» عن مبادرة لبري بإعادة العجلة للعمل الحكومي من بوّابة استكمال تعيينات المجلس العسكري لثلاثة من اعضائه تبدو اكثر جدية من ذي قبل، وقد عرض الامر على باسيل الذي طلب مزيداً من الوقت لدرسه.

وعليه، يبدو انّ طريق عمل الحكومة وانتظام جلساتها سالك اكثر ممّا سبق بموقف واضح لبرّي يدعمه ضمناً «حزب الله» وتيار «المردة» الذي غاب زعيمه النائب سليمان فرنجية لوجوده في باريس، والممثّل بالوزير السابق يوسف سعادة الذي لم يعد سؤاله عن لقاء جديد بين الحريري و»الرئيس المواطن» يحتاج الى كثير من الإلحاح، فاللقاء بين الرجلين بات أمراً عادياً.

فيما يبقى موقف «التيار الوطني الحر» من إعادة عجلة العمل الحكومي الى الدوران قيد البحث، مع مَيل الى تفعيل الانتاج الوزاري بموقف سيتظهّر عشية جلسة بعد غد القائمة وفق أجواء طاولتي حوار عين التينة الموسّعة لـ»الاقطاب»، والضيّقة بـ»الأزرق والأصفر».