ان عهد رئيس الحكومة ​تمام سلام​ كرًئيس للوزراء سيُصبِح أطول عهد في الحكومات اللبنانية، نظرًا لعدم وجود معطيات توحي بأنّ انتخاب رئيس للجمهورية قريب، او انه حاصل في المدى المنظور، وبالتالي هناك استحالة لتقديم استقالته، بل أقصى ما يمكن عمله هو الجلوس في منزله، مع حرس السراي، والموظفين، وكل المستحقات لرئيس وزراء لبنان.

لقد درج سلام وفي عدة محطات على التهديد بالاستقالة، تارة لأن مجلس الوزارء لم يعد منتجا، وطورًا لان هيبة الدولة لم تعد موجودة، وها هو يكرر في مجلس الوزراء مثل هذه النغمة، بسبب ​النفايات​.

وقد عقبت مصادر نيابية على كلام سلام بالقول: "كلام جميل لكن رئيس الحكومة نسي على ما يظهر، ان مجلس الوزراء سبق ان اتخذ قرار ترحيل​النفايات​ وان كان مكلفا، وهو ما أعلنه في مؤتمر صحافي، مبشّرا اللبنانيين بأن هذه الازمة ستنتهي وان القرار سينفذ فورًا".

ولفتت الى انه لم يشرح للبنانيين في مقابلته التلفزيونية، او في اي توضيح رسمي صادر عن رئاسة الحكومة ملابسات فشل الترحيل.

وأضافت المصادر: "ردّد سلام مرارًا ان لا حاجة للحكومة في ظل عدم إنتاجيتها، وان فقدان هيبة الدولة يعرّضها للإنهيار، كما أنّه كرّر مرات كثيرة انه لا يعرف ما اذا كانت اللجنة ستنجح في ايجاد حل للقُمامة، مهدّدًا بوقف أعمالها، فمن هو المسؤول الذي سيصارح اللبنانيين بالحقيقة، ولا شيء غير الحقيقة، حول هذا الملف؟"

وتابعت: "لم يتوقف رئيس حكومة المصلحة الوطنية عن تكرار مقولة انه يوافق على اي ملف يتفق حوله الوزراء، لكنه لم يقل في اي يوم من الايام ومنذ ولادة حكومته، من هو الفريق المسؤول عن وضع العصا في دواليبها، رغم انه المح الى وجود فساد سياسي يحيط بأزمة النفايات".

في الموازاة، لم يفهم اللبنانيون حتى الساعة، ما اذا كان وزير الخارجية ​جبران باسيل​ قد نسق مع رئيس الحكومة في المواقف التي اتخذها في مؤتمري القاهرة وجدّة، والمتعلقة بسياسة النأي بالنفس، والتي كانت السبب المعلن للاجراءات الّتي اتخذتها دول مجلس التعاون الخليجي ضد لبنان.

ورأت مصادر نيابية انه لم يعد مسموحا بعد اليوم، ان تحجب الحكومة فشلها عبر التلطّي خلف مكوناتها. ولفتت الى ان التهويل بكشف المستور وفضح المسؤولين عن ملف النفايات، لم يعد ينفع، وحتى اذا وصل الامر الى استقالة الحكومة، لأنّ لبنان لم يكن قبل هذه الحكومة يغرق في النفايات، وانّ ذهابها من دون رفعها، يعرّضها ورئيسها للمساءلة قبل اي جهة اخرى.

وتسترسل المصادر، لتعلّق على الشق السياسي، فترى أن المسؤولية تقع ايضا على رئيس مجلس الوزراء، لأنّ القوى السياسية المشاركة تُمارس دورا يحافظ على مصالحها وسمعتها، من دون ان تأبه بسمعة الحكومة ورئيسها.

الى ذلك، رأت مصادر نيابية ان ملف النفايات لن يكون السبب في اعتكاف او استقالة الحكومة في حال حصول ذلك، او عدم دعوة مجلس الوزراء للانعقاد، بل ضحالة الإدراك السياسي لديها، وغياب المعلومات عما هو حاصل في العواصم العربية، وتداعيات هذه الامور التي أدت الى الازمة بين لبنان ودول الخليج، وخصوصًا السعودية.

كما حمّلت المصادر نفسها تمّام سلام مسؤولية عدم إنتاجية حكومته عندما وافق على الالية التي جعلت من كل وزير رئيس جمهورية ورئيس حكومة، وعدم تطبيق مواد الدستور والآلية التي تنص على الثلثين في القرارات اذا كان هناك خلاف، والنصف زائداً واحداً حول القرارات التي تستوجب هذا النمط.

واعتبرت ان ابقاء مصير الحكومة وملف النفايات رهن فريق او فريقين، لا يساعد سلام في وظيفته، كما انه لا يبشر بجدوى بقائها، حتى مع الجرعات التي يمكن ان يؤمنها لها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، عكس مهمته الاساس كرئيس للسلطة التشريعية، وهي مراقبتها ومساءلتها، وحتى اسقاطها تحت قبة البرلمان.

وتؤكد المصادر نفسها ان على سلام اعادة النظر في كل هذه الامور، بهدف تفعيل العمل الحكومي، لأنّ الناس لا ترحم، مهما كانت التضحيات التي يقدمها لاستيعاب التناقضات التي تهيمن على مجلس الوزراء، وعلى حكومته.