يغرق لبنان ومعه الشعب اللبناني بالأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تحاصره في كل جوانب حياته. إلا أن هذا الشعب، والذي تخنقه مكبّات النفايات العشوائية أينما ذهب، آمن بمقولة "الحاجة أم الإختراع"، وجعل من حاجاته منبعاً للاختراعات والابتكارات.
ايلي هيكل شاب من بلدة "جورة أرصون" المتنية، اسم جديد يضاف إلى لائحة شباب لبنان الذين رفضوا الانهزام للواقع اللبناني المرير. فجعل من أزمة الكهرباء سببا ليخترع قطعة الكترونية صغيرة تخفّض من استهلاك سخّان الماء للكهرباء بنسبة 40 و50 %، إضافة لقطع الكترونية أخرى للغاية عينها. مشروع هيكل هذا انطلق في العام 2010 عندما كان تلميذاً في المعهد باختصاص "الكترونيك"، فكان هذا الاختراع مشروعاً دراسياً.
ويروي هيكل لـ"النشرة" أن الفكرة بدأت حينما كان هناك أزمة في الكهرباء ولم يكن سخّان الماء يعمل بسبب هذه المشكلة فخطرت هذه الفكرة عنده، فعمل على صناعة هذا المنتج والذي كان بدائياً في حينها قبل أن يبدأ بتطويره ويصل إلى كفاءته الحالية.
ويلفت هيكل إلى أنه حينما أراد تسويق هذا المنتج لم يجد أي دعم رسمي من الدولة لاختراعه، فتكفل مدير التسويق في شركة "EBP" ميشال عبدو بمهمّة ترويج المنتج الذي حمل اسم "Current saver"وصار شريكا فيه، مشيراً إلى أن أول قطعة بيعت في السوق كانت بشهر تشرين الثاني من العام الماضي.
والقطعة المذكورة، تتميز بصغر حجمها ما يجعلها سهلة في التركيب، وتقلّل من مصروف سخّان الماء من 6 أمبير تقريباً إلى 3.2 أو 3.5 أمبير، في حين أن سعرها مع كلفة تركيبها لا تتجاوز الـ50 دولارا مع ضمانة لمدة سنة من تركيبها. إضافة لذلك، فإنّ هذا المنتج يعتبر جهاز حماية للمستخدم أكثر فعالية من قاطع الكهرباء (Disjoncteur) بسبب سرعته بفصل الكهرباء في حال حدوث اي مشكلة كهربائية بالسخّان.
ويوضح هيكل أن "Current saver يمكن الاستفادة منها كل السنة بسعر زهيد بينما أجهزة الطاقة الشمسية لا يمكن العمل بها ثلاثة أشهر بالسنة (أي خلال فصل الشتاء) إضافة إلى أنها باهظة الثمن"، ومؤكداً "ان منتجنا صنع في لبنان بينما أجهزة الطاقة الشمسة ليست كذلك".
واللافت في الأمر، أن مشروع هيكل لم ينحصر في سخانات الماء فقط، بل قام بتوسيع عمله فصنع لنفس الغاية آلة شبيهة تستخدم للمكواة، وهو يعمل على تصنيع قطعة أخرى لمكيفات التبريد.
ويكشف هيكل أنه بصدد العمل على آلة لمكافحة البرغش وكل أنواع الحشرات من دون استخدام مواد كيميائية، لافتاً إلى أن "هذه الآلة لن تصدر أي رائحة وأي صوت بل عملها قائم على الذبذبات الصوتية التي لا يسمعها الانسان"، مشيراً إلى أنها "لا تقتل الحشرات بل تجبرهم على الهروب بسبب قوة الصوت بالنسبة لهم".
ومنذ ما يقارب الأسبوعين، أي الموعد الذي بدأ فيه هيكل ببيع منتجه رسمياً، باع ما يزيد عن 120 قطعة في مختلف المناطق اللبنانية. وتمكن هيكل من الحصول على براءة اختراع من وزارة الاقتصاد ما يساعده على حماية منتجه من القرصنة.
اذا، ورغم كل الأزمات التي يمر بها لبنان، لا يزال المواطن اللبناني خلاقاً ويحول الأزمة إلى اختراع. وفي هذا الوطن، الكثير من المبدعين، لكنهم بحاجة إلى دعم رسمي لترجمة أفكارهم ومخططاتهم. فمتى تصبح الوزارات والجهات الرسمية حاضنة وداعمة لمبدعي لبنان؟